أزمة بسيطة، قد تكشف الأزمة الأكبر.. تماماً كما هو الحال في أزمة الحكم الدولي سلطان عبدالرازق مع لجنة الحكام، أو قل مع الإنجليزي ستيف بنيت المدير الفني للجنة، والذي يبدو أن صلاحياته واسعة وسلطاته كبيرة، لكنها صلاحيات وسلطات، لم تمنع السخط بين الأندية ولا الأخطاء التي تزداد، ولا الجدل الذي لم يتوقف حول الحكام.
لن أسأل: لماذا لم يتكلم سلطان إلا بعد أن سحبوا منه الشارة الدولية وقرر الاعتزال، فأن يتكلم متأخراً أفضل من ألا يتكلم على الإطلاق، وظني أن لجنة الحكام بالذات كانت بحاجة إلى تلك الحرب من داخلها، فقد تعبنا وتعبت الأندية من الكلام، وفي كل مرة ليس لديهم سوى ما لديهم، بأن الأخطاء جزء من اللعبة، وأن التحكيم لدينا أفضل من غيرنا، حتى خرج من بينهم من كشف جانباً لم نكن نراه، فالمشاكل من الواضح أنها متراكمة، وليس أمام اللجنة اليوم سوى أن تراجع نفسها وتصحح مسارها.
لن أتحدث عما قاله سلطان عن الشللية والمجاملات، وإن أدهشني أن الإنجليزي بات له «رَبْع»، ولا عن أرقام التقييم التي توضع حسب المزاج والهوى، وعدم وجود خطط أو استراتيجيات، فذلك نعلمه ونراه ونحصده، لكن ما استوقفني أكثر كان ما قاله عن تقنية «الفار»، والتي اتضح أنهم كانوا يتدربون عليها بشكل خاطئ، وأشعلت دورينا جدلاً ولغطاً، والحقيقة أنها فُرضت عليهم ويسيرون فيها «بالبركة» على حد قول حكمنا الدولي المعتزل، وهو كلام ليس بإمكانه أن يدعيه، وبالتالي هو كلام خطير، يجب أن يكون له ما بعده، وما بعده يجب أن تكون قرارات وليست تصريحات.
كلنا نلمس أزمة في قطاع التحكيم، لكن القائمين على اللعبة وعلى اللجنة، كانوا يوهموننا على الدوام بأن أي كلمة منا قد تنال من عملهم الجبار وجهودهم السخية، وهي ادعاءات أمام ما قاله سلطان تبدو وهمية، وتبدو أقرب إلى نكتة.. التحكيم عمل، مثله تماماً مثل التدريب والإدارة، وإن لم يجد أهل المهنة القيام بها على أصولها أو على الأقل بأدنى نسبة خطأ ممكنة ومحتملة، فلا يجب أن يصدعونا بحماية الحكم المحلي، لأنه ليس أغلى عندنا من غيره، وطالما أنه يخطئ، فعليه أن يتحمل نتيجة الخطأ.. نستقدم المدرب واللاعب والطبيب واختصاصي التأهيل، ولا يمكن أن نفسد اللعبة لأجل الحكام.
على اتحاد الكرة أن يتدخل لترميم بيت التحكيم من الداخل ومن الخارج، ولا يجب أن تُترك الأمور كلها في يد المدير الفني الإنجليزي، كما لا يجب أن تكون أمور اللجنة هينة لتدار في الفنادق وفي «الكافيهات».. قبل أن تطلبوا منا تقدير الحكام، امنحوهم أنتم قدرهم.

كلمة أخيرة:
الحرب التي تأتيك من بيتك ليس بإمكانك أن تجابهها .. وفي كل أحوالك لن تكسبها.