الإمارات الدولة العالمية، والبلد الكوني، والدائرة الأكبر اتساعاً واستيعاباً. هي هكذا رآها الشباب العربي في استطلاع مر على العقول والمشاعر، فبين أن الإمارات ليست بلداً، بل هي سماء صافية تضيؤها النجوم من كل حدب، وشمسها هذه القيادة التي أثثت وجدان الناس بالحب، وزرعت أزهار الحياة في كل قلب وملأت الأرواح بعطر التآلف، والتكاتف، والانسجام، والانغماس في وحدة الوجود، كما هي قطرات الماء في جوف النهر، لا تستطيع فصل القطرات عن النهر، ولا يمكنك تمييز النهر عن قطرات الماء، نحن في الوجود كائنات الوحدة والتلاحم، نحن في الوجود فراشات تلون أجنحتها بعطر الورود، نحن في الوجود، أشجار تسمق بعناقيد الأحلام الزاهية نحن في الوجود أشرعة تفرش بياضها لأجل السفر البعيد، نحن في الوجود سفن تعانق الموجة بسلام الكائنات المطمئنة، نحن في الوجود سواحل تحتضن الطير، وتملأه تغريداً نحن في الوجود غيمة المطر، تهدف للمستحيل، وتخضب كف الحياة بحناء الفرح. نحن في الوجود إمارات تلون قماشة الحياة، من زرقة البحر الأبي، وتحيك حرير الوجد البشري أهداباً ملمسها هذا الشوق الصحراوي النبيل، هذا التوق الأزلي لرشفة العذوبة من تاريخ لا يكف عن إرواء العالم من إرثه، وتراثه، وميراثه، وأحداثه التي غيرت من وجه العالم وأهمها هذا الاتحاد الخالد، هذا الصرح القابض على ومضة الحياة مثلما تلثم النجمة شفة الضوء، مثلما تختم الغيمة مسيرتها في إرواء الأرض من شهد السماء. الإمارات الدولة العالمية من حكمة التاريخ تتنفس وعياً بسعة الأنهار، والبحار، والصحراء، وبقدرة الجبال على ترتيب مشاعر النحلة كي تدر عسلاً مصفى لا فيه شعث، ولا لغط، هي هكذا تمضي في الشارع الإنساني، بلد يسكن قلوب الناس قبل أن يسكنوه، هي هكذا أرض بسطت تضاريسها، كي تضع الطيور أعشاشها على قمم أشجارها، وتهجع من دون رجفة أو خفة، هي هكذا تحلق بأفكارها، مثل النوارس مبتهلة للعلي القدير على سخائه وعطائه، وخير ما أعطاها، القيادة الرشيدة، بحكمة التدبير، وفطنة الانفتاح على العالم مثل أشعة الشمس، مثل بياض الموجة، مثل أحلام الطفولة، مثل صرخة الولادة. هذه هي الإمارات، تنبعث في الوجود، رسالة كونية، شاملة، كاملة، مكتملة الإزهار، مشتملة على الازدهار، ذاهبة إلى العالم بقلب نبضاته دقات المطر، تهتف للأرض كي تنبت عشبها، وتأتي بخصبها، وتنبه العالم أنه لا حياة من دون حب، ولا حب من دون وعي، ولا وعي من دون أشواق لمعرفة ماذا يسكن في العالم؟ وماذا يحتاجه العالم كي يعيش مستقراً آمناً، لا تشوبه شائبة حقد، ولا تكدره خائبة كراهية. العالم يحتاج إلى الإمارات لأنها قلبه الذي يملأه دماً صافياً.