- لو دار الزمن وتعقدت الأمور، وجاء «وطر» يترحم الناس فيه على أيام أول، أيام «الجز والهدّ والقصّ» وأيام دخل المزارع السخي، وأيام عدم الالتفات إلى كشف الحساب المرسل من البنك، ولا تلك العمولات والفوائد الصغيرة التي لا نعرف ماذا تعني؟ مثل: عمولة البنك بعد أيام التشريق، وعمولة بلوغك السبعين، وعمولة فلوس العيدية إذا كنت تريد أنواط بو عشر جديدة!
- لو تبدل الحال وطُلب من المواطن عندنا أن يقرّ بدخله السنوي، ويدفع الضريبة المتوجبة عليه، مثل أي مواطن أوروبي أو أميركي، وأن يقوم بدفع الضرائب الأخرى المستحقة، مثل ضريبة مشاهدة التلفزيون، وضريبة السكن السنوي، وغيرها، ستجد طوابير من المواطنين منذ الصباح الباكر تشتكي، ولا تعرف على من تشتكي، المهم تريد أن تشتكي على أحد، ومن أحد، سيظهر فريق من «الهدّادة» سيتوزعون على البيوت الشعبية ينفثون سم صدورهم، والذين سرعان ما سيهدهم تعب الحماسة، والأذان في الخرابة، وسيخفت صوتهم مع الوقت، وسيبقون يتذكرون أيام الغوص، وسيظهر من ينادي من بينهم: «الضريبة على الوافدين، وليس على المواطنين.. أهل الدار»!
- ستتخربط حسابات «أبو محمد»، خاصة تلك المصاريف الشهرية، والتي سيبدأ بعمل حسبتها وتدقيقها كل يوم، أما الفواتير ذات المبالغ الصغيرة والتي تخرجها ألسنة الماكينات المالية الحاسبة، والتي عادة لا يكترث بها، فعليه منذ اليوم أن يحتفظ بها، وينظمها في ملفات خاصة، وقبل شراء أي شيء، عليه مشاورة الزوجة، لأنها منذ الآن ستكون هي المدبرة والمخططة للميزانية، ستختفي أشياء كثيرة من حياتنا، وستظهر أشياء جديدة وبديلة، وسيقرّ كثيرون على الأرض، وسيعرفون التنظيم والتدبير، خاصة إذا كان هناك مكتب خاص بالتحصيل الضريبي في المطار يراجعه الناس قبل ختم المغادرة، كما هو الحال في أوروبا.
- سيختفي الأكل الكثير والذي يفيض عن الحاجة دائماً، ويستقر في «درامات» البلدية، وفي «الكدافات» حتى أصبحت القطط أسمن من أولادنا.
- سيختفي «بزا» الأولاد ومتطلباتهم، «ياهل بوتسع سنين» ويحمل موبايل في يده، ولا يخاف لا من المدرس، ولا من المدير.
- ستختفي العربة التي تجرها «البشكارة» في الجمعية والتي تعتقد أنه لزاماً عليها أن تملأها حتى تفيض بحاجياتها الضرورية، وغير الضرورية، نكاية في الجارات.
- لن نحتاج إلى تلك الثلاجات الكبيرة الواقفة في المطابخ والتي نتغلب أحياناً في تنظيفها من الفواكه والخضراوات وغيرها لأنها لم تعد صالحة للاستعمال.
- سيتعلم الأولاد مبدأ غير مبدأ «إلبس وفررّ» أو مبدأ «إلبس وعق» والنساء المصونات سيعرفن قيمة الترشيد، ومبدأ ليس هناك من داع أن تفصل ملابس بعدد أيام السنة، ونعال حسب لون فص العبايات أو الرموش التركيبية.
- سيصبح لي منذ اليوم -إن تحققت كلمة لو دار الزمن، وانقلب الحال، وأقرت الضرائب- أعداء كثيرون، أقلهم سيقول: فأل الله.. ولا فألك! الضريبة برا وبعيد!