الأخلاق.. نحن جزء من الطبيعة، وتناغمنا مع الطبيعة يجعلنا مثل الطيور التي تسبح في الماء بسلام وأمان.
هكذا تصبح الحياة جميلة، عندما تذوب الحواجز بين مكوناتها، وعندما يصبح الإنسان في الطبيعة، مثل الأحلام في عيون البراءة، مثل الفرح في قلوب العفوية.
لا يسعد الإنسان إلا إذا تخلص من معاول الهدم التي تبرزها رغبات الأنانية، والطموحات الفردية. آمن الشيخ زايد بهذه الروح العالية، وسار على نهج الطبيعة في سلامها، وتعاضدها، وتواصلها، الأمر الذي جعله لا يفرق بين الكائنات ولا يضع الحواجز، فانتمى إلى الطبيعة، كما تنتمي الأشجار إلى الأرض، وكما تنسجم الموجة مع السواحل، وكما تتناغم الأزهار مع أجنحة الفراشات.
كاريزما التفرد، والاستثنائية التي اكتست بها مشاعر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لم تأت من فراغ، بل هي وليدة تنشئة وبناء، عليها وجد الشيخ زايد نفسه في خضم الطبيعة، إنساناً مسؤولاً عن المخلوقات، وزعيماً تقع عليه التزامات أخلاقية لا يمكن التفريط بها، وعندما يفتح الشيخ زايد ينابيع الصحراء لتكون شلالات رشف للطير والحيوان، وعندما يجعل من الصحراء سرير أمان لهذه المخلوقات، كان هذا الزعيم ينطلق من مبدأ أننا في الوجود واحد، وعندما نهتم بكل موجودات الوجود، فإننا نحمي أنفسنا من الضياع، ونحافظ على جنسنا البشري، لأن كل مخلوق على هذه الأرض لم يخلق عبثاً، وإنما لمهمة وجودية، فالتكامل هو أصل الوجود، والتواصل هو شيمة المخلوقات على الأرض.
فسعى زايد إلى توفير كل مستلزمات الحياة وتهيئتها، بكل يسر، وسهولة، لتعيش الطيور، والحيوانات، على أرض الإمارات في ألفة ومحبة، ومن دون غيظ، أو ضنك، أو كدر، أو شظف.
فهذه السواحل الممتدة على خاصرة التراب الإماراتي، تمهد موائل السكينة للطير، وهذه الأرض المزروعة، تهيئ السلام للحيوان، وتعمل على توضيب حياة هانئة، لا تشوبها شائبة، ولا يعرقلها خوف. ثم ننظر إلى الشارع، والمحال التجارية العملاقة، والدوائر الحكومية، والمؤسسات، كل هذه الميادين أصبحت موئلاً لكل الجنسيات التي تؤم بلادنا من كل أصقاع العالم، بغية البحث عن لقمة سائغة لا يعكرها رمل التعب، ولا يغدر بها غبار السغب.
البشر جميعاً هنا يتحدثون بلغة واحدة، هي لغة الحب للإمارات، وأهل الإمارات، وأرض الإمارات.
هذه الفسيفساء الاجتماعية، رسمت بأخلاق زايد، وسمات زايد، وصفات زايد، وسجاياه، وثناياه، وطواياه وقانونه الفطري، وشريعته العفوية، وبديهية القيم.