لم أتفاجأ بمقطع الفيديو المصور لمدرب تركي في دوري الهواة يصفع اللاعبين على وجوههم في غرفة تبديل الملابس، وهو المقطع الذي أثار ردود فعل عالمية واسعة، قبل أن نكتشف أنه حدث قبل ثلاث سنوات، وقبل أن يدافع المدرب عن نفسه، فيصف اللاعبين بأنهم جميعاً أبناؤه، وأن ما فعله كان سبباً في تحويل الخسارة في الشوط الأول بالثلاثة إلى فوز بالخمسة بعد الصفع.
أما لماذا لم أتفاجأ، فلأن من يعملون بالنقد الرياضي وتغطية مثل هذه الفعاليات أو حتى من يشاهدونها، رأوا الكثير من هذه الأمور.. لا أقول إن ذلك مباح أو أنه أمر عادي، لكنه يحدث وسيحدث، طالما أن هناك اختلافاً بين البشر.
منتصف العام الماضي، لم تفهم الجماهير ما قام به المهاجم البرازيلي تياجو سانتوس لاعب فريق ناسونال باتوسي في بوليفيا، وهي تراه يضرب مدربه احتجاجاً على تغييره، وتدخل رجال الأمن ولاعبو الاحتياط لإنقاذ المدرب من يد اللاعب، ومنذ شهرين تقريباً كشفت كاميرات المراقبة بأحد الفنادق، تعرض لاعب روماني في السادسة عشرة من عمره للضرب المبرح من مدربه لأنه تسرب مع زملائه في الفريق ليلاً إلى أحد مطاعم الوجبات السريعة، وامتد الضرب من اللكم والصفع إلى الركل.
ومنذ سنوات قليلة في الدوري الأردني، قام مدرب نادي البقعة الأردني، بضرب حارس المرمى بـ«موس»، بعد نقاش حاد بينهما، وفي الدوري العراقي ومنذ شهر تقريباً، وبعد مباراة بين نفط ميسان والصناعات الكهربائية، ضرب مدرب مشجعاً بالحذاء، ومنذ سنوات وفي دوري أبطال العرب، قام المحترف السنغالي بنادي الوداد البيضاوي، ندياي ماختي، بضرب المدرب بالحذاء عدة مرات، في مشهد شاهده العالم على شاشات التلفزيون، والسبب أن المدرب تجرأ على إخراجه بعد 15 دقيقة من نزوله كبديل للاعب آخر.
في مشهد مغاير تماماً، حدث أول هذا العام، ضرب المدرب السعودي فهد الغربي، المدير الفني لنادي «جبه» السعودي، المثال في التضحية والوفاء للاعب الفريق يوسف الأسلمي، فقد تغيب الأخير عن المران، ولما زاره المدرب للاطمئنان عليه، عرف أنه مصاب بالفشل الكلوي، فما كان من المدرب إلا أن تبرع له بكليته.. نعم تبرع له بكليته.
هي الحياة يا صديقي.. فيها الكثير.. تتلون الأفعال فيها بلون البشر.. الأكثر شراً ربما من يصفعك دون أن تدري.. من يخذلك أو من يخونك أو من يطعنك في ظهرك.. لا شك أن المدرب الذي صفع لاعبيه قد ارتكب خطيئة كبرى وحماقة لا تغتفر، لكن كم من الحماقات لم نعرف عنها شيئاً.

كلمة أخيرة:
كم من الفضائح كانت ستمضي.. لولا «السوشيال ميديا»..