ليست المواطنة شكوى، ودعوى، والصراخ من آلام وهمية. المواطنة هي قبل كل شيء إحساس بأهمية أن نحافظ على المنجز الحضاري، الذي حققته بلادنا في كل ميدان ومضمار. وأن يكون الدور مهماً لكل إنسان مهما بلغ حجمه، ووصل موقعه. لا يوجد في الحياة وفي العمل الوطني، وظيفة هامشية، بل كل عمل له دوره في رقي الوطن ونهوضه، ولا أحد يملك العذر في التخلي عن دوره في البناء والتشييد. ليس من مهمة المواطن أن يشتكي، وإنما مهمته تتركز في المبادرة والمثابرة، والعمل بجد، والقناعة الراسخة، بأنه عضو أساسي في الجسد، وأن تخليه عن دوره تحت ذرائع وحجج وهمية، يجعله عنصر هدم، وتدمير لأحلام الوطن وطموحات أهله.
المواطن الذي يستحق المعاضدة هو المواطن الذي يعي مسؤولياته، وهو المواطن الذي يقف عند التزاماته الأخلاقية، بكل صدق وإيمان وقوة وصرامة، وحزم وجزم. إعطاء الحقوق لكل مواطن واجب كل مسؤول، ولكن في مقابل ذلك، نحتاج إلى المواطن الذي غادر منطقة الدلال، ودخل دائرة الشعور، بأنه كما يجب له أن يأخذ، فعليه أن يعطي، وأن العطاء هو الأخذ بسبل التفاني والتضحية، والولوج في بحر العملية التنموية من دون خوف أو تردد، أو هواجس العجز، وعدم القدرة على مواصلة الطريق.
اليوم أصبح الغطاء مكشوفاً، وبعد أن حدد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الأولويات، ووضع الشراع على ظهر السفينة، فلم يعد هناك ما هو خفي على كل مواطن، كبيراً أو صغيراً، مسؤولاً أو موظفاً، فالجميع تقع على عاتقهم مسؤولية الإمساك بزمام الأمر الوطني، والذهاب بالوطن إلى آفاق المجد والرايات العالية. الجميع مسؤولون عن كل خطوة باتجاه النهر، ولا أحد معذور من تنفيذ المهمة الوطنية.
قاموس العمل الوطني الذي وضعه سموه، هو تصريح أخير، يوضح ما للمرحلة من حساسية، لا تدع مجالاً للشك، ولا تفتح سنحة لكل من يريد أن يزايد، ويراهن على الأوهام، ولا تقبل المرحلة كل من لا يتوخى الدقة في فعله وقوله، ومصير الإمارات مرهون بصدق أبنائه، وابتعادهم عن إرهاصات لا تغني، ولا تقدم شيئاً للوطن.
كلام سموه، وضع النقاط على الحروف، لتصبح الجملة واضحة، ومن دون لبس أو غشاوة. ملخص الأمر، الوطن بحاجة إلى مواطن سخي، ومتعفف عن خزعبلات الكلام الذي يضر ولا يفيد.