مع التوسع الهائل الذي يشهده العالم في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي والاستعانة بالروبوتات، ليس ببعيد أن يجيء حين من الدهر يرد فيه الموظف على سؤال عن مديره بأنه - أي المدير- ليس سوى روبوت، وبأنه سعيد بذلك، وأسباب سعادته عديدة ولا تعد.
وقبل أن نخوض في أسباب تلك السعادة لنستعرض ما جاء في الدراسة السنوية الثانية للذكاء الاصطناعي في العمل التي أجرتها شركة «أوراكل»، بالتعاون مع «فيوتشر وركبليس» (أي مكان العمل المستقبلية)، فقد ذكرت الدراسة التي شملت 8370 موظفاً في 10 دول، من بينها الإمارات أن 64% من الذين جرى استطلاع آرائهم أنهم «يثقون في الروبوتات أكثر من مديريهم، ويتجهون إليها بدلاً منهم طلباً للنصح والمشورة». ورحبوا بتغلغل أكبر للذكاء الاصطناعي في العمل.
وأظهرت الدراسة أن 62% من الموظفين في الإمارات يستخدمون الذكاء الاصطناعي مقابل77% في الصين، و78% للهند، و32% لفرنسا و29% لليابان. وأن 76% من الرجال يعدون أكثر استشارة للذكاء الاصطناعي من المرأة.
وقالت الدراسة إن 60% من الموظفين في الهند، و56% في الصين يشعرون بحماس كبير لدخول الذكاء الاصطناعي بيئة العمل، يليهم موظفون في الإمارات (44%) وسنغافورة (41%) والبرازيل (32%).
وأظهرت الدراسة تصدر الموظفين في الهند (89%) والصين (88%) الترتيب من حيث الثقة بالروبوتات، مقارنة بمديريهم، يليهم أقرانهم في سنغافورة (83%) والبرازيل (78%) واليابان (76%) والإمارات (78%).
أما عن أسباب سعادة هذه الشريحة الكبيرة من الموظفين بوجود «المدير الروبوت»، وإن لم تذكرها الدراسة صراحة، فإنها لا تُخفى على أحد، ولعل في مقدمتها أن الموظف لن يبقى تحت رحمة مزاج المدير، ويتحول لمركز للتنبؤ بمزاجه وحالته العصبية قبل أن يدخل عليه في أي شأن من شؤون العمل أو شؤونه الخاصة، ولن يضطر لمجاملة سكرتيرة المدير، ليعرف ما إذا كان بمزاج رائق للتعامل مع الأمر الذي سيعرضه عليه.
ومن حسنات «المدير الروبوت» عدم وجود أبناء عمومة أو خؤولة يقربهم منه، أو شلة وبطانة له ينتشرون في مرافق العمل يديرونه بإقصاء أهل الخبرات والكفاءات وتفضيل المقربين منه، كما يجري من قبل بعض المديرين «البشريين».
سعادة الموظفين بالمدير «الروبوت» غامرة، وبالذات صغارهم، لأنه سينظر في ترقياتهم، ورفع درجاتهم الوظيفية، وفق معايير تقييم دقيقة وصارمة لا تشوبها شوائب الواسطات، ولا يعكر صفوها المحاباة والمجاملات، وسيبقى «المدير الروبوت» مفضلاً طالما لم يسيطر عليه «قرصان» من عالمنا الثالث.