المتزمتون لا يخفون ضغينة ولا كراهية تجاه كل ما ينتمي إلى الوطن، فهؤلاء بنظرتهم السوداوية، ونظرياتهم الشيفونية، لا يستقر لهم بال ولا تهدأ نفس، إلا ويروا العالم في غيمة الغبار والسعار، لأنهم جبلوا على الحالة الرمادية، وعندما يرون نجاحاً في مكان ما أو مؤسسة معينة، فإن هذا النجاح يغيظهم ويستفز فيهم الأنا البغيضة، فيستلوا سيوف الحقد ويمتشقوا رماح البغض، ويبدؤوا في التجريح وكيل السباب والشتائم، ويشخصون كل شيء لأنهم لا يملكون غير الشخصنة، ولأن قضيتهم مع العالم أجمع هي قضية شخصية ولا علاقة لها بالقيم والمبادئ، هؤلاء لا يريدون أحداً سواهم في الساحة، وتجربتهم في سابق الأوان، أثبتت أنهم كائنات لا تحب أن تعيش إلا في الخرائب والمستنقعات، الأمر الذي يجعلهم يحاربون الغير، ليس لخلاف في العمل، وإنما لكراهية للآخر، وأياً كان هذا الآخر، فلا يستطيع هؤلاء التمييز أبدا، بل كل ما يعرفونه أنهم لا يريدون أن تمضي العجلة إلا بإطارات قديمة سخط منها الدهر، هؤلاء لا يريدون من يعمل من أجل الوطن، بل يريدون من يستميت من أجل حزب معين أو فئة، لأن الوطن لا يدخل ضمن أولويات من تحزبوا وتحزموا بحبال الشيطان، وما رش وطاش حول وزارة التربية أمر طبيعي وبديهي ومعروف، لأن هذه الوزارة تحاول أن تخترق الرتابة، وتعانق الممكن في صياغة واقع تربوي يلامس المستقبل، ويحقق متطلبات الحياة العلمية، وينجز ما يحتاجه الوطن من مشاريع علمية تربوية تتلاءم مع الركب العالمي، وتناسب ما ترنو إليه القيادة. كل هذا لن يعجب من غرقوا في محيطات التيه، وضاعوا في غابة التوحش. كل هذا لن يرضي ضمائر الذين انغمست ضمائرهم في أوحال التنطع والتنظير الغوغائي والمصطلحات الغليظة. سنرى الكثير من هذا الزبد والغبار والعواصف الهوجاء، ولكن على وزارة التربية وغيرها من مؤسساتنا أن تصبر وأن تواجه الإسفاف بالجد والعمل، وألا تلتفت لمثل هذه الترهات التي لا تخدم إلا جهات مغرضة ومريضة تعاني من روماتيزم الأفكار، ونحن على ثقة من أن وزارة التربية جديرة بأن تواجه هذا الخسوف بمصابيح رجالها العاملين بصدق وإخلاص، ويا جبل ما يهزك ريح، ووزارة التربية التي نالها من طيش المهاترين السباب، قادرة على فضح الأكاذيب بالأدلة، وخير دليل العمل وبذل الجهد، وزارة التربية لا يديرها أنبياء وإنما بشر، وبالعمل الدؤوب تستطيع السفينة أن تعبر المحيط بسلام، وأن تحصد الخير وتحقق المزيد من النجاح، ونحن على ثقة من أن الشجرة المثمرة هي التي تقذف بالحجر، ولكن الجذع السامق لا يلين ولا ينكسر.. وزارة التربية بقيادتها الشابة قادرة على الإزهار والإبهار وقهر التيار.