بعض الحكايات يتضاءل أمامها ما نكتب وما نقرأ وما نرى.. بعض الحكايات تأتيك وكأنها رسالة من السماء دونما وسيط، تقطع شكك باليقين، تخبرك أن النهايات تُكتب هناك والبدايات أيضاً.. أن عليك دوماً أن تشرع نوافذ الأمل صوب مروج الأمنيات، فلا شيء يبدو تماماً كما ترى.. في الحياة وفي الأمل متسع للمزيد.. لما هو أبعد حتى من أحلامك.
عادةً، حين أقرر أن أكتب يكون أمراً استفزني من مشاهدة أو من «سالفة»، وإما قضية رأي عام لا مجال لتجاهلها، أو أن أقرأ حتى تصادفني القصة.. غالباً تكون في الكرة، فقد عرفنا رغبات القراء، أو عن النجوم أو حتى عنهم، لكن قصة قد تُشعرك أن كل ما مضى ضئيل أمامها، تماماً كقصة جاسم عبدالرضا، اللاعب بفريق السلة بنادي شباب الأهلي، والذي انتصر على مرض السرطان، وعاد ليتألق مجدداً في الملاعب، ويشارك فريقه حصد البطولات.
قصة عبدالرضا، وعلاجه الذي امتد ثمانية أشهر، وأحلامه التي حدثنا عنها، والبطولات التي حققها، بمثابة درس كبير، لمن يكتب ومن يقرأ، فنبأ الإصابة بالمرض ليس سهلاً أن يتقبلها أحد بهذه الجسارة، وأيام العلاج خارج حدود الوطن، لم تكن وطأتها عادية ولا مفرحة، لكنه عاد من نفق اليأس شامخاً بطلاً.. عاد ليسطر من جديد تفاصيل قصة، كان إيمانه عميقاً بأنها لم تنتهِ بعد.
قصة عبدالرضا، هي نافذة في جدار اليأس.. لا أود أن أعيد تفاصيلها كما قرأتها وتفاعلت معها، حتى لا أذكره بأيام ربما لا يود أن يذكرها، لكنها قصة بطولة أعظم من كل البطولات الثمانية عشرة التي حققها في مسيرته مع كرة السلة، وآخرها كأس الاتحاد، التي حصدها بعدما عاد للعبة وللحياة وللأمل.
نحتاج مثل تلك القصص في الحياة حولنا، تماماً كما نحتاج قصص البطولات والانتصارات، والإرادة التي أظهرها جاسم عبدالرضا في صراعه مع المرض، بمثابة درس للجميع.. رياضيين وغير رياضيين، كما أن رسالته للأندية بضرورة إلزامها بالكشف الدوري على اللاعبين، تمثل حصاد تجربة مهمة، وعلى الاتحادات أن تنظر لتلك الرسالة بعين الاعتبار.
لم يكن جاسم عبدالرضا، وهو يغادر الوطن، في رحلة علاجه الطويلة، واثقاً من العودة من جديد.. كانت التفافته الأخيرة إلى أرض الوطن وهو على سلم الطائرة، ثقيلة جداً، وعلى قدر هذا الحمل الثقيل، جاء الأمل سخياً كزخات مطر تغسل الروح والفؤاد معاً.. هو درس ليتنا نعيه.. لا تغلق نافذة الأمل، ففي السماء ربٌّ كريم غفور حليم.

كلمة أخيرة:
بعض القصص تشبه المطر.. تغسلنا من الداخل.