أن تصبح المرأة الحاجبين، وأن تكون كالقمر اللجين، تضيء السماء وتفرش سجادة الثراء في وجدان أهل الوطن، فذلك هو النهر الذي يسقي بساتين وجدنا ويثري وجودنا ويمنحنا السموق، والبسوق، ويرفع أشواقنا في الحياة إلى مراتب العلا، ويرخي على رؤوسنا ظلال التلاحم، والانسجام، ويمضي بسفينة الوطن إلى آفاق التطور، والرقي، ويمزجنا بالحضارة الإنسانية، لنصبح شجرة وارفة الزهر، والثمر، وتصير المرأة هي الجذر الذي يرفع قامة الوطن، ويسنده ويعضده ويعصمه من الزلل، ويمنع عنه الخلل. القرار السامي بمساوات رواتب المرأة برواتب الرجل يجعل من العمل الوطني يسير في اتجاه التكامل، ويفتح أفق البذل والكد والجهد نحو المزيد من العطاء، والنجاح في مجالات العمل المختلفة، وهذا القرار الذي سيكون فاتحة الخير والبركة على المرأة والوطن، وهو رسالة واضحة وصريحة بأن من يعطي يكافأ، ولا فرق بين رجل وامرأة، إلا بمستوى العطاء، وبقيمة ما يبذل وما يقدمه الطرفان. فعندما تنجح المرأة في تدريس الأبناء، أو تطبيب الناس، أو إدارة مؤسسة معينة، فهذا جهد يستحق الثناء، والثواب وكذلك الرجل، لأن النجاح لا يتوقف عند الذكورة أو الأنوثة، وإنما هو وليد الإرادة، فإن كانت الإرادة صادقة، والعزيمة صلبة، والعقل صافياً، والقلب محباً، والروح شفافة، فإن العمل يكون من نسل هذه العوامل، ومن طبيعة الأمم المتقدمة، أنها لا تضع الحواجز بناء على الاختلاف في الجنس البشري، وإنما تضع موازينها، انطلاقاً من النجاح والفشل، والإمارات نجحت في وضع الأسس، والركائز في مجال الثواب والعقاب، ما جعلها دولة رائدة في تقديم النجاح كوعاء يثري الوجدان الإنساني، ويدفع بعجلة التطور نحو الدرجات العالية. واليوم نحن نقف في الصف الأول بين الأمم، لأن لدينا قيادة آمنت بأن الحياة لا تنسجم إلا باحترام حق المرأة في العلم والعمل، وحقها في أن تصبح مسؤولة عن سلوكها، وملتزمة بواجباتها العملية والأخلاقية، ومحتكمة إلى وعيها وضميرها، في إدارة شأنها، وتسيير أمور حياتها، هذا المبدأ يضع على الدولة واجباً أولياً، وهو احترام حقها في العمل والراتب، الذي هو طريق حياتها الهانئة وأسلوب تعاملها مع الرجل، كنصف مكمل لطبق العمر، ومسيرة العيش الكريم. نعم نحن محظوظون بهذه القيادة التي سبقت عصرها، وتجاوزت الكثير من الدول المتحضرة، في ترسيخ الثوابت الحضارية، وتكريس واقع المرأة الصحيح، والملائم لصناعة وطن خال من التشققات الاجتماعية، نقي من النتوءات الأثنية، نظيف من الشوائب المعرقلة لدورة الحياة، صاف مثل النهر، سامق مثل الجبل، ساطع مثل القمر.