بعد أن ألح عليَّ هذا السؤال، أضناني البحث في محيطنا العربي وربما في العالم عن إدارة نادٍ رحلت طواعية.. غالباً الإدارة هي الحلقة الأخيرة.. هي من تتخذ قرار التضحية بالمدرب أو باللاعب، وقد تضحي بالجماهير وآهاتها ومشاعرها، لكنها قطعاً لا تضحي بنفسها، وكل سوابق الرحيل للإدارات -وهي نادرة- إما تمت تحت ضغط عام لم تتمكن من التصدي له، أو بإيعاز من جهة أعلى لا يصد ولا يرد.
الإدارة ليست فقط تحقيق الأهداف المرسومة للنادي أو الكيان أو المؤسسة، والتخطيط السليم للوصول إلى أفضل النتائج من أقصر الطرق وبأقل التكاليف، لكنها أيضاً تتجسد في القدرة على تحمل المسؤولية، واتخاذ قرارات لتصحيح المسار، والقدرة على إدارة الأزمات، وغيرها من الأمور التي تحتاج إلى إدارة تتسم بالديناميكية، والفعل ورد الفعل، والوجود الحقيقي وليس متابعة الأحوال بالتلفون أو «الواتس»، وأن تدرك أن جمهورها هو رأس مالها وتاجها، لكن أن يمضي كل شيء دونما جديد.. أن يخسر الفريق مرة واثنتين أو أكثر أو أقل دون تفاعل.. دون حراك، فالأمر قد يصل حد الاستفزاز، وحد أن تفقد تلك الإدارة رصيدها الجماهيري.. وحتى إن استمرت، سيكون ذلك دون رغبة الجماهير، التي تمثل معادلة الكرة بأسرها.. تزداد الأزمة عمقاً بالقطع في الأندية الكبيرة، التي لابد أن ترتقي إداراتها لقيمتها وموقعها وأن تدرك أن وجودها على رأس الإدارة في ناد كبير، يعني مسؤولية كبيرة وأعباء كبيرة، وأن يتصرفوا تصرفات الكبار.
كثير من الأندية حولنا وفي العالم، لم تكن أزمتها في بعض الأحيان في اللاعبين أو المدرب، وإنما كانت في الإدارة وسوء التخطيط.. وقد حدث ذلك في آنجي الروسي وفي ليدز يونايتد، وحدث في بايرن ميونيخ في فترة أصابه خلالها التوهان، قبل أن يعرف الطريق في 2007 ويصبح بعدها من أكثر أندية أوروبا استقراراً ووجوداً بين الكبار، بفضل رؤية إدارية واضحة المعالم، وحدث ذلك أيضاً في اليوفي بعد فضيحة الهبوط للدرجة الثانية، فأعادت إدارة البيانكونيري الفريق للطريق الذي يستحقه، وكانت العودة بأداء الإدارة ورؤيتها أولاً.
الإداري الناجح ليس مجرد شخصية عامة، لديه مؤسسة أو شركة ويريد أن يكمل «الصورة» ويطل على أهله وأولاده من التلفزيون أو على صفحات الجرائد.. الإدارة علم عليك أن تجيده وأن تلم به، واستيعاب العاملين في المجال الرياضي للمبادئ الإدارية العلمية بصورة دقيقة يقودهم لتحقيق أفضل النتائج، أما ترك الأمور للريح ترفعها حيناً وتهبط بها حيناً فعندها سيكون الأمر ليس أكثر من «بهرجة».

كلمة أخيرة:
أن تكون في وادٍ وجماهيرك في واد.. أن تخسر ولا يتحرك لك ساكن، عندها لابد أن ترحل.