في الأول من أكتوبر 1984 وضع المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حجر الأساس لسد مأرب التاريخي، وشهد افتتاحه بعد اكتماله، مبشرا بعصر جديد من التنمية والاستقرار لليمن، وبما تحمله الخطوة التاريخية من دلالات ضاربة في عمق التاريخ، فالمعلم الذي كان انهياره بعد حادثة السيل العرم عام 570 ق.م، وكان سببا لهجرة القبائل العربية إلى شمال وشرق الجزيرة العربية وغيرها من المناطق سيكون يوما ما عامل ازدهار واستقرار من جديد.
كان اعتناء المؤسس، طيب الله ثراه، بهذا المعلم التاريخي ودلالته، يعبر في منظوره البعيد عن نظرته ورؤيته الثاقبة بما يمكن أن تمثله تنمية واستقرار موطن العرب الأول في الأمن والاستقرار في عموم منطقة الخليج والجزيرة العربية. وهي ذات النظرة والقناعة المترسخة لدى قيادتنا الرشيدة. وواكبت دعوات ارتفعت لتأهيل هذا الجزء من منطقتنا ليكون عضوا فاعلا وعمقا لأشقائه في دول المجلس.
وعندما أرادت قوى الشر والعدوان ممثلة في إيران وأذنابها من المليشيات الحوثية الانقلابية اختطاف اليمن وعزله عن محيطه الخليجي والعربي وتحويله لمنصة لتهديد أمن واستقرار المنطقة ووكر للجماعات الإرهابية، جاءت المشاركة الإماراتية الفعالة ضمن التحالف العربي بقيادة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لدعم الشرعية وإجهاض المخطط العدواني الإيراني.
وبموازاة الجهد العسكري والميداني، كان العطاء الإنساني والخيري والتنموي الإماراتي يمتد لمختلف مناطق البلاد من أجل عودة الروح لمفاصل الحياة فيها بعد أن تسببت تلك المليشيات الإرهابية في تعطيل مساراتها ووضعت ملايين اليمنيين بين أنياب أسوأ كارثية إنسانية تشهدها المنطقة من مجاعة وأوبئة. جهد إنساني متميز نهضت به كل من مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وعبرت عنه الأرقام التي وضعت الإمارات كأكبر دولة في سرعة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية هناك، حيث قدمت أكثر من 21 مليار درهم منذ 2015 وحتى سبتمبر الماضي، للمساهمة في تحقيق الاستقرار والتنمية في مختلف المحافظات والمناطق اليمنية.
وفي الوقت الذي تساهم فيه الإمارات من خلال مؤسساتها وهيئاتها الإنسانية والمملكة العربية السعودية عن طريق مركز الملك سلمان الإغاثي، نجد المليشيات الانقلابية تتلاعب بالاحتياجات والمتطلبات الإنسانية للمحتاجين اليمنيين، ليس ذلك فحسب بل جعلت منها مادة للمساومة والاتجار بها لإطالة أمد مأساة ظهرت على أنقاض حكمة يمانية تبخرت.