التاريخ.. للتاريخ قصته، وللتاريخ دروبه، وللتاريخ تراكمه الذي على أعقابه تبدو المرايا ناصعة، مثل قرص الشمس.
اليوم وبعد توالي الخطوات، وتعاقب الأشعة الضوئية التي مدَّت خيوطها في كل مفصل، وفصل من فصول النمو والارتقاء، نستطيع أن نبوح بالسر، بأن ما قدمه زايد من دروس وعِبر، أصبح في أذهان الأبناء نواقيس وعي، وثوابت أحلام، ومنارات طموحات، وقيثارة وجد، وجد ووجود، وجذوراً ترتشف من ماء المكرمات التي غرسها زايد في الضمير الوطني.
ما نشهده اليوم من سبر وخبر، وحبر وسطر، ما هو إلا نتيجة لذلك السطر العظيم الذي تم مده على مدى الأيام، ليكون الأبناء امتداداً لذلك المد والمدى والامتداد، ليكون قادة اليوم في بلادنا هم من ذلك العطر، ومن ذلك النهر، ومن ذلك البحر، ومن ذلك الوتر، ومن ذلك السطر، ومن ذلك الحبر، ومن ذلك الجذر.
اليوم يخطو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، باتجاه مجد الإمارات وعزها، يخطو بثبات الفرسان، وفي مخياله صورة الأب المؤسس، يخطو وفي وجدانه تسكن ثمرات الأشجار الوارفة التي غرسها زايد، وأراد أن تكون الظل الذي لا تمحوه الشمس، والشعاع الذي لا تطفئه الغيمات الطارئة. ويستمر الإرث يسكب زلاله في المكان والزمان، يظل ينثر ضوءه في عيون عشاق الحقيقة، ويبعثه وعياً في الرؤوس والنفوس، وسوف تبقى الإمارات دائماً وأبداً في وجدان كل مخلص وصادق، الموجة التي تطهر سواحل العالم من ضغائن السادرين، ومكائد المرجفين، وحثالة قهوة الخائفين.
هكذا سيظل إرث زايد مختار الصحاح، يصوب لغتنا في التعاطي مع الآخر، والمصباح المنير يعيد إلينا عبارة الفاهمين، والقاموس المحيط الذي يحيطنا بالطمأنينة، ودفء التعاطي مع الأحداث من دون وجل أو خلل، ستظل قيادتنا تتحمل في ثناياها معالم طريق رسمه زايد، وآمنت به درساً وعبرة، وعبارة تضيء به طريق مودتنا مع العالم، وتنسج به قماشة أحلامنا الوردية، وتضعه نبراساً على جباه الأجيال.
إرث زايد منظومة أخلاقية، علينا أن نملأ بها وجدان أبنائنا، وأن يكون فصلاً من فصول دراستهم، ومنهجاً من مناهجهم، وحقلاً من حقول تواصلهم مع العالم، وكتاباً يفتح صفحاته أمام عيونهم، ليقتدوا بمن مد البصر إلى آخر الأفق، فلتمتد أبصارنا إلى ذاك الأفق، ولعل العالم يبصر ما أبصره المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته.