خميسيات اليوم على غير العادة، بعيداً عن البسمة والضحكة، والتندر والظرف، اليوم نحو العمق الذي يهزنا ويحزننا، ويقلب مواجعنا، ويبكينا حد الوجع:
- نقول في عاميتنا: «الخال خلي والعم ولي»، ورغم أن السجع والجناس والطباق، هو ما يحكم الأمثال أحياناً، أكثر من حقيقة الأفعال، لكن مثلنا السابق كنت دائماً أقف أمامه متمعناً، ومقارناً علاقات كثير من الناس مع الخال والخالة، فأجده غير صحيح إلا من باب المحسنات اللفظية، وما تتطلبه وتفرضه القافية من أمور في حياتنا، ومن باب أن العم يمكن أن يلطم ولد أخيه، كحسبة ولده، لكن وحده الخال الذي يمكن أن «يحايز» عن ابن أخته، علاقة الإنسان بخاله علاقة جميلة ودافئة ومتكاملة، بخلاف علاقته مع العم، ربما لأن الأم في الوسط، فالخال يرى طيبة ورقة الأخت، فلا يقدر أن يعامل كل من له صلة بها إلا بذاك الحنان والطيبة والحنو، لذا يشقى الكثير بمحبة الخال، ويكون وقع وداعه قاسياً، لأنه العزيز، والعزيز غال، وربما لشعور الإنسان أن شيئاً فيه من الخير والطيبة والدفء نقص بغيابه من الحياة، رحم الله خال الشيوخ «سهيل بن مبارك الكتبي» رحمة واسعة، والعزاء لأم الإمارات، وأولادها، والأخوان، والصديق مبارك بن سهيل، ليتها آخر الأحزان إن شاء الله.
- لقد شق عليّ منظر ذلك العالم والرياضي العراقي، واستجدائه بنطالاً في مأوى العجزة أو في غربة العراق الجديدة، وتصحر تلك الحضارة والرقي في بغداد، وغياب تلك النخوة العربية التي ظلت تحرس ذاك الوطن الجميل، يا لعري هذه الأمة حين يستجدي عالم وفيزيائي بنطالاً، ليستر به سوءته، وأصحاب الأعمال التي يسوّد منها الوجه يرفلون في نعيم بيع الأوطان، ويظهر «متآمر، متأزلم، متفارس» ينعم في حرير رداء كسرى، وهو يتطاول على عمائم العرب، ينهب خيرات الوطن ببيعه قطعة.. قطعة، وقد لا يتوارى عن بيع ستر أمه، لأن الوطن وستر الأم صنوان، ولا يفرّط فيهما غير من اسودّ وجهه بالهوان والذل واستجداء الغريب على مذلة القريب، مفكر وفيلسوف عراقي يبيع مكتبته ليشتري حطباً للشتاء القادم، وكل نيران ونفط العراق مهرّبة، وعرضة للفساد، وفنان طالما تغنى بمجد الوطن يسرح على عربة لبيع الأشياء البالية، ولا أحد في الوطن يبكيه، لقد أبكاني هذا العالم والفيزيائي العراقي في خريف هرمه حد جرح الحنجرة.. لا.. لا لم يكن العرب كذلك في تاريخهم الذي يبدو في وقت المهانة اليوم أنه يكتب بمداد أعدائنا، وشماتتهم في العلن!