في عالم الأرقام ودلالاتها يملك رقم ثلاثة قيمة معنوية عالية في أسرتنا. فوالدتي وخالي وخالتي مجموعهم ثلاثة، أنا وأخواتي ثلاث، وعندما نذهب إلى السوق لابد من شراء ثلاثة أشياء من الغرض ذاته. وفي آخر زيارة لأختي الصغيرة عالم الإلكترونيات عادت وقد تبعتها السيارة المُحملة بثلاث ثلاجات، حلّت إحداها عند مدخل «جناحي الخاص». فتحت الباب فوقفت أمامي ثلاجة عملاقة أكثر ما تكون من ثلاجات محال الجملة التي يزدحم أمامها العمال في مصفح أيام التخفيضات. رفضت هذه الكبيرة أن تدخل من الباب وكأنها عروس في ليلة زفافها بقيت في علبتها حتى جاء فارسٌ مغوار اسمه سهيل وقال: «ماماه، يريد يودي ثلاجة من داخل بيت؟» فقلت له: «أول خبرني شوسالفة هالثلاجة ومن وين يت؟» خلتني من الفائزين في إحدى السحوبات.. رد سهيل قائلاً: «اُختي، اخت مال انتي اشتري ثلاثة ثلاجة وقول لازم اليوم سوي تركيب... سوي مضبوط!» فسألته: «وأين هي الآن؟» فحشرت رأسها من وراء الكرتون قائلة: «اختي عاشة، إن شاء الله عجبتك الثلاجة مارمت أقاوم يوم شفتها حق الفيمتو مال رمضان؟» فقال سهيل: «اُختي، أقدر سوي جيلي، مهلبية، كاسترد، فالودة، كل شيء منشان فطور سحور هازا ثلاجة نمبر ون والله!». غيرت الثلاجة برنامج المساء والسهر فقد أقحمها سهيل عبر الباب بكل خفة وقام بتركيب رفوفها والتأكد من عملها بحسب المواصفات والإعلان. وأصبحت الثلاجة العملاقة تتنفس هواءنا وتستهلك كهرباءنا وتضيف إلى فاتورتنا وتبرد على مزاجها. وبعد صبر قصير اتصلت بسهيل وقلت له: «ياسهيل، الحين مافي رمضان وما أعتقد أن مزاج الثلاجة سيوافق مزاجي في الشهر الفضيل» فقال: «اُختي، هازا ثلاجة سوي دلع خلي اشتغل على طول لاتبند بعدين يجي مضبوط... اذا بعد حار أنا يجي من بيت جيب واحد لنك!» فقلت له: «اسمع ياسهيل، اختي لم تشتر دلة تحفظ الحرارة بل ثلاجة تبرد مالذ وطاب» فقال: «الصبر زين اختي، صبر واحد ساعة بعدين شوف!» فقلت له: «ياسهيل ياراعي الثلاجة انهي جدا اللي شاري الثلاجة، وقله خويك طالبنك حاجة، رد الغوازي وشل هالثلاجة!». لقد تعرفت على سهيل وثلاجته التي أصبحت مسماراً في بيتنا، فقد جاء يوم الجمعة للسلام على الثلاجة فوجدها باردة وتعمل بنشاط فقال لي:«أنا أول قول هازا ثلاجة سوي دلع شوية منشان بعدين تكليف اشتغل على طول»! ولكم مابين السطور...