لعل أحد أهم منجزات وزارة الموارد البشرية والتوطين تطبيق التنوع الحضاري بشأن العمالة الوافدة، وهي تسمية لطيفة لهدف راق وحضاري ووطني في المقام الأول، ويعمل على عدم تغليب عمالة على حساب أخرى في سوق العمل بحيث تستأثر به وتشكل «قلقا» قد يرتفع لدرجة الخطر على المدى البعيد. اليوم وبعد أن انتقلت أمور وقضايا العمالة المنزلية للوزارة المثقلة بالأعباء والمسؤوليات الجسام، نجدد الدعوات لمراعاة هذا الجانب مع هذه الفئة من العمالة المنزلية، خاصة الفلبينية في ضوء بعض ممارسات مكاتب الاستقدام التي بالغت في أسعارها وفي ضوء الضغوطات التي تقوم بها سفارات وبعثات الفلبين، كما جرى مؤخراً في دولة الكويت الشقيقة حيث تم استدعاء السفير الفلبيني مرتين خلال 24 ساعة للاحتجاج على تصريحات لمسؤولين فليبيين بحق الكويت، وتهريب عمالة منزلية بسيارة تحمل لوحات دبلوماسية تتبع السفارة الفلبينية هناك، وهي ممارسات وتصرفات برزت في الفترة الأخيرة مع موجة تصريحات ومواقف حادة مع دول الخليج العربية وكذلك مع الغرب والولايات المتحدة. ومع تسلسل الأحداث تكشفت الكثير من الحقائق عما يقوله البعض عن عمالة «هي الأقل خطراً»، والتي كانت تخفيها الابتسامات الصفراء والوجوه البشوشة. المسألة ليست عرضاً وطلباً بالمفهوم التجاري وراء رفع أسعار العمالة المنزلية، ولكنها أمور مخطط لها من تلك المكاتب والبعثات، والتي استغلت لدرجة الابتزاز، الإقبال الكبير على هذه الفئة من العمالة من جانب ربات الأسر التي تحول الأمر عند غالبيتها لاستعراض و«فشخرة» على من يستقطب «ميري»، وهو الاسم الشائع للواحدة من هذه العمالة في مسلسلاتنا الخليجية. ما ندعو إليه الوزارة والجهات المختصة تبني المبادرات التي تشجع الأسر، وبالذات المرأة الموظفة على الاستغناء وتخفيف الاعتماد على العمالة المنزلية، فالحياة من دون «ميري» وغيرها ستمضي وتستمر وتكون أجمل، ولها أبعاد وطنية واجتماعية واقتصادية فوق ما نتصور. ويكفي فقط أن يشعر الأطفال بوجود الأم ودورها الحقيقي الذي يكاد يتلاشى - أن لم نقل إنه توارى- بوجود «ميري» الطاغي في البيت مع ابتسامة ساخرة خبيثة.