على شاطئ الراحة، يسرد الطير قصة البحر الطويل، وما جاشت به قريحة بحر الرمل، وعند شغاف القافية يدوزن الشعراء أوتار القصيدة، وما بين النبطية والفصحى كلام المساءات الحالمة بصهيل خيول المعرفة، وهديل الطير الغارف من معين الإرث التاريخي العتيد، وفي طياته طموح السابحات في سماء الله وفي الثنايا وجد الذين صاغوا من القصيدة قلائد مجد، لأجل وجود ينصع بنوايا ذوي الهامات الرفيعة، والقامات الشاهقة، ولأجل إمارات واسعة الظل، شامخة الدلالة. في الفصحى يزخر الناقد القدير الدكتور علي بن تميم، بربيع العطاء، ويزدهر بوجدان أثثه زمان الانهماك في القراءة، بأجمل المعطى، حتى أصبح الرجل قاموس المحيط المفتوح على آخر خلاخيل الإبداع، مستمراً في تلوين بيت الشعر بأجمل ما جادت به شجرة القصيدة، وأنبل ما فاضت به القريحة. بأمير الشعراء، أصبح في فناء منازلنا أغنيات يصدح بها أحفاد الضاد، وصارت الإمارات نخلة عناقيدها من فطاحل الشعراء وأفذاذ الذين نسجوا من الشعر حرير الحياة، ليحرروا مشاعرنا من رواسب أزمنة ظل الشعر فيها على قارعة الانتظار لمن يأتي ليطلق لجام الخيول، ويسرج هاماتها كي تصل بنا إلى قمة الجبل، هناك عند الأفق حيث تسكن الشمس، وتسبل جدائلها الذهبية هناك حيث يمكث الأمل، متحرياً مجيء الأقمار، كي تضيء الأرض، وتمنح الوجوه بياضها. في القصيدة النبطية، يزهو الشاعر، والناقد، والروائي المتميز، سلطان العميمي، بقرطاس الدهشة، واللحظة المذهلة، يسكب من معين بحثه ليملأ الجزء الفارغ في الكأس، وهو يسكب، ويسكب ونحن من شفة الشعر نرتشف ما يضيء سماءنا، ويلون وجه نجومنا بالبياض، ومواسم الذهاب إلى الشعر النبطي، مملوءة بصوت النهام، وخرير الموجة عند صدر القوارب المسافرة نحو المجد، والربان سلطان، وعمامة الشعر يلقيها على من له في الإبحار آية وغاية، ودراية، والليالي أمسيات محفوفة بقلق المتبارين، بل هو قلق الوعي بأهمية القصيدة، ولوعتها، ولواعجها، وأمواجها، وأفواجها، هي قصيدة البراءة الشعرية من هنات زمانها، ومكانها، وزلات لسانها. في النبطية، نحن نصافح التاريخ ونستدعي الذاكرة لتأخذ من موروثها ما تستحق، وتستطرد، في التداخل ما بين الكلمة ونعمة العطاء، لتمضي السفينة باتجاه المرافئ وهي في حلل الفرح، وإسوار السعادة، وهكذا هي الإمارات، تنجب قصيدتها من ضمير العشاق المخلصين، كما تنتج حضارتها من وعي الصادقين والركاب ماضية باتجاه النبع، والمطر، عطاء الأوفياء.