ذات مرة كنت في العاصمة السويدية ستوكهولم، وتابعت قصة تسلل جماعة «الإخوان» الإرهابية وسيطرتها على مسجد يحمل اسم مؤسس الدولة، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكيف تدخلت سفارة الدولة لرفع الاسم منعاً لأي خلط أو التباس أو إساءة لأغلى رمز في قلوبنا وقلوب الملايين من أبناء الأمتين العربية والإسلامية، وللتصدي لممارسات وتصرفات تلك الفئة الإرهابية. وقبل ذلك، تابعت سيطرة الإرهابي أبوحمزة المصري -المسجون حالياً في الولايات المتحدة- على مسجد فنسنت بارك بشمالي لندن، ولمست كيف عانى سكان تلك المنطقة، وغالبيتهم مسلمون من شرق أفريقيا وشمالها ومن باكستان من أفعاله وطروحاته التي لا صلة لها من قريب أو بعيد بديننا الإسلامي الحنيف وقيم الاعتدال والوسطية التي يقوم عليها. النموذجان اللذان ذكرت تعج بهما العديد من المدن الأوروبية وغيرها، وهي نماذج للذين استغلوا قوانين تلك البلدان وتحت مسمى اللجوء وحقوق الإنسان عاثوا فساداً، وفرخت جماعات متطرفة وقتلة كانوا عماد المجاميع الإرهابية التي تغذت منها«داعش» ومثيلاتها من التنظيمات الإرهابية، وإلى جانب سفك دماء الأبرياء وترويع الآمنين وتخريب وتدمير الممتلكات ألحقوا تشويهاً بالغاً بالإسلام وصورته وقيمه ومبادئه السمحة. أوردت هذين النموذجين لإبراز ما تعنيه هذه المبادرة الحضارية والجميلة التي انطلقت من أرض المبادرات الإنسانية النبيلة دولة الإمارات، واحتضنت معها أبوظبي«المجلس العالمي للأقليات المسلمة»، وأهميتها في التصدي لتلك الفلول المشوهة لدين الحق وقناعاتها المنحرفة القائمة على التكفير والعنف والتطرف ورفض الآخر. وما سيمثله المجلس الوليد من منصة تنافح عن قضايا الأقليات المسلمة، وتكريس وتعزيز قيم الاعتدال والوسطية والتسامح، وسد أية مساحة قد ينطلق منها خوارج العصر للنيل من الإسلام والمسلمين وصورته الزاهية وقيمه التي شيّدت حضارة، امتدت من تخوم الصين شرقاً وحتى الأندلس غرباً، واحتضنت الجميع من كل الأجناس والأعراق والثقافات والأديان. أن تكون أبوظبي مقراً للمجلس العالمي للأقليات المسلمة، إنما هو امتداد لمبادراتها في احتضان كل جهد راق لنشر قيم التعايش والتسامح، وفي مقدمتها مجلس حكماء المسلمين الذي تم إطلاقه في عاصمة المحبة أبوظبي في يوليو 2014، وكذلك المركز الدولي لمكافحة التطرف العنيف الذي تم افتتاحه هنا أيضاً في 2012. وبهذه القيم والجهود المباركة ندحر قوى الشر والظلاميين أينما كانوا وحلوا.