تعد منطقة الزعفرانة، خاصة عند القطاع الذي كان يُعرف بالدفاع الجوي( بين شارعي ظفير وربدان) من أحدث مناطق العاصمة أبوظبي التي شهدت تطبيق نظام المواقف المدفوعة، وهو المشروع الحضاري الذي لا نختلف مع إدارته حول جدواه وأهميته لتنظيم هذا الجانب بصورة تليق بعاصمتنا الحبيبة. كان وصول التنظيم للمنطقة سانحة طرحت مجدداً ذات الإشكالية التي تظهر في كل مرة، وهي تحرير مخالفات بالجملة من العيار الثقيل فئة خمسمائة درهم بسبب محدودية المواقف قياساً لعدد السيارات وعشوائية الوقوف هناك. وهي الإشكالية المتعلقة بعدم توفير البدائل قبل تطبيق العقوبات والغرامات، فالمسألة ليست سباقاً حول من يحرر أكبر عدد من المخالفات وتحقيق عائدات أكبر، بل هي خدمات يجب أن يتم توفيرها بأسلوب حضاري في إطار جهود ومبادرات الدولة لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين وإسعادهم. منطقة الزعفرانة وهذا القطاع منها الذي ذكرته، وبالذات الشوارع الخلفية تزخر بالوحدات السكنية المقسمة التي تلقى إقبالاً من محدودي الدخل، وساكنوها لديهم عقود إيجار موثقة من البلدية التي أجازت البناء والتقسيم، وبالتالي وثقت العقد الذي بموجبه تم إدخال خدمات الماء والكهرباء، ليفاجأ السكان بأن دائرة أخرى تخالفهم وبذات الغرامة الباهظة لذنب لا يد لهم فيه وهو عدم وجود مواقف لمركباتهم المرخصة أيضاً، ويخالف حتى من يملك « تصريح سكان» إذا ما أوقف سيارته في «الأصفر» قرب بيته لعدم وجود موقف له رغم سداده رسم التصريح . في منطقة الزعفرانة مساحات أرض كان بإمكان «مواقف» الاستفادة منها بإقامة مواقف طابقية أو أرضية عليها لامتصاص العدد الكبير من السيارات هناك بدلا من المخالفات المباغتة. خاصة أن للإدارة تجربة ناجحة في منطقة الخالدية عندما اتفقت مع شركة «الدار» وتعاونت معها للاستفادة من قطعة الأرض التي تتبعها لتوفر ما يزيد عن ألفي موقف في ذلك المكان. نعود لنقول إن تصرفات وتسرع بعض مفتشي «مواقف» يجب ألا ينالا من مشروع حضاري كبير مثل هذا النظام الذي نجمع على أهميته وجدواه وغاياته التي يجب أن تتضافر جهود كافة الدوائر والجهات معها لتحقيقها، فالمسألة أبعد من مجرد مخالفة أو تنظيم. وكلنا في خندق واحد لتظل أبوظبي درة المدائن والسبّاقة دوماً في تطبيق الممارسات الحضارية العالمية التي تجعل حياة كل من فيها صحية ومريحة وسعيدة.