العام 1976. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يستقبل في قصر البطين ثلاثة روّاد فضاء أميركيين، فيما كان السباق العلمي محتدماً بين الاتحاد السوفييتي، والولايات المتحدة، التي نجح برنامجها «أبولو» في وضع أول خطوة لقدم بشرية على سطح القمر في العام 1969.
الصورة لدينا الآن بالأبيض والأسود. الشيخ زايد، رحمه الله، يحيطه رواد الفضاء: توماس ستافورد، وفانس براد، ودونالد سايتون، يرافقهم عالم الفضاء المصري فاروق الباز، الذي يستعين بمجسم لمركبة الفضاء «أبولو 11»، ويشرح للراحل الكبير عن ذلك الإنجاز العلمي الاستثنائي، ولم يكن مضى على تأسيس الاتحاد أكثر من خمس سنوات.
الصورة في 2019، بالألوان الكاملة. العَلم الإماراتي يزيّن الصاروخ «سويوز أف جي»، الذي يحمل المركبة «سويوز إم أس15»، وعلى متنها شاب من عيال زايد، وُلد في العام 1983، ونذرته بلادنا، ليكون أول رائد فضاء إماراتي ينطلق إلى محطة الفضاء الدولية، ويحقق أكثر من حلم لزايد، وأكثر من طموح للإمارات.
رائد الفضاء هزاع المنصوري، واحد من أبناء الإمارات الذين قطفوا ثمار الاهتمام المبكر في التعليم، واستفادوا من عشرات المشاريع الوطنية للاستثمار في الشباب، بصفتهم كنزنا الحقيقي، الذي لا ينضب. وسيشكل وأخوه رائد الفضاء البديل سلطان النيادي إلهاماً للأجيال الجديدة، وقد أظهرت لنا العقود الماضية أن مسيرة دولتنا في التنمية والنهضة قامت على مواجهة التحديات، والإيمان بأن المستحيل ليس أكثر من اقتراح لتبرير العجز.
المنصوري، سيكون أول عربي يشارك في أبحاث علمية على متن محطة الفضاء الدولية، وهذه خطوة فقط في طريق طويل، تقود الإمارات إلى المريخ حرفياً بعد أقل من عامين، عندما يصل «مسبار الأمل» إلى الكوكب الأحمر، بعدما نجحنا في إطلاق القمر الاصطناعي «دبي سات-1» في 2009، ولم تمض إلا سنوات قليلة حتى أطلقنا «خليفة سات»، وهو أول قمر اصطناعي إماراتي بالكامل، أنجزه شبابنا في مركز «محمد بن راشد للفضاء» العام الماضي.
في محطة الفضاء الدولية، سيرتدي هزاع المنصوري الغترة والعقال والكندورة، وسيقدم لزملائه رواد الفضاء «المضروبة والصالونة والبلاليط» في «ليلة الطعام الإماراتي التقليدي». مؤكداً البعد الثقافي لهذا الحدث الاستثنائي، فتكامل الأصالة والمعاصرة مكون رئيس للشخصية الإماراتية ولهويتنا الوطنية، فالدول المتقدمة لم تنقطع عن إرثها الحضاري، وهي تواصل فتوحاتها العلمية والمعرفية، وتحقق الإنجاز، تلو الإنجاز.
يقول العالم فاروق الباز مخاطباً المنصوري: «ربما أكون أسعد الناس، برحلتك لأنني شخصياً أعلم علم اليقين أن رحلتك، تمثل أملاً لمؤسس دولة الإمارات، الشيخ زايد، طيب الله ثراه».