بفيض قلب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ومنارة رقيها إلى الإبداع والثقافة. وبسماحة روحه واتساع حضنه الذي يحتوي الشعر والشعراء والثقافة والمثقفين باختلاف أقطارهم ومنابعهم وتجلياتهم، افتتح مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته السادسة عشرة، هذه الدورة التي احتوت شعراء بيوت الشعر في الوطن العربي التي أسست بفيض كرمه وشاعرية روحه، لأنه يدرك تمام الإدراك أن الشعر لا محدود ولا متناهٍ. لا مدرك، لا متجسد، ولا مرئي، ولا مخاتل يقتفي الشرود. الشعر ليس الوتر، بل موسيقى الخيال. والشعر ليس الأبجدية واللغة، وليس القول المسرود أو المنثور واصطفاف المفردات. إنه ما تشي به خفايا الشاعر وثقافته وعمق رؤاه وتأمله في الكون والوجود والكائنات. والشعر زورق هائم في محيط الحياة يستنبط اللؤلؤ والجوهر الخبيء في ارتقاء البشر. والشعر كاللؤلؤ سواء صب في قالب منظوم أو نثر على صفحة الوجود يظل لؤلؤاً. والشعر ليس الدهشة بل شهقتها! ولأني شاركت في مهرجانات الشعر في العالم العربي والغربي كان يستوقفني دوماً هذا النوع من الاحتفاء بالشعر كلمة أو تسمية «مهرجان»، فرحت أبحث بشغفي المشاغب عن معنى هذه التسمية فلجأت إلى القاموس العربي «لسان العرب». في البدء ظننت أن مصدر كلمة مهرجان هي (هَرَجَ)، إلا أن المعنى القاموسي لهذا الفعل لا يعبر تماماً عن معنى المهرجان، إذ أنه يعني الناس وقعوا في فتنة واختلاط وقتل. ويعني: أفاض في الحديث، فأكثر وخلّط فيه. ويعني أيضا:مزح وأتى بما يضحك منه.. واشتق من هذا المعنى اسم المهرّج. قلت إذاً أعود إلى المصدر (مَهَرَ) فوجدت أنه يعني: مهر المرأة أو صداقها. والفرس حين ولادتها. وثمرة الحنظل، لكنني وجدت في آخر القول كلمة مهرجان تعني: عيدٌ احتفالي عظيم عند قدماء الفُرس. وهي مركبة من (مِهر) أي محبة و(جان) أي روح، فيكون المهرجان هو «عيد محبة الروح»، ويمكننا أن نتأمل هذا المعنى العميق لكلمة مهرجان، فهو الاحتفال العظيم بمحبة الروح، حيث ارتباط المحبة لا بالانفعال العابر المنبني على رغبة طارئة أو مصلحة خفية، بل بالجوهر والسمو والرسوخ. وإذا كانت المحبة هي أرقى مشاعر وأنبل سلوك يتصف به الكائن البشري، فإن الروح هي لب الكائنات وسر حيويتها وطاقة فعلها وحضورها الحي. وهكذا الشعر فهو الروح في تجليها والقلب في نبضه والمحبة في أرقى مساراتها فألف تبريك لك يا شارقة الروح والمحبة!