لم أكن أود أن أكتب ذلك، فأنا أحفظه، والجميع يعرفه، لكن يبدو أننا مضطرون أحياناً لوضع النقاط فوق الحروف، والأهم أننا نضطر أحياناً أيضاً للتأكيد على أن حياءنا وعدم انشغالنا بما ومَن حولنا، لا يعني أننا لسنا أقوياء.
أسهل شيء أن تشاغب وأن تناور وأن تتصنع حرباً على حلبات من ورق، لكن هل يمكن أن يثنيك ذلك عن مهمتك الرئيسة؟ وهي أن تعمل.. لابد إذن من أحد يعمل، ويحتاج المشهد أيضاً إلى من يعبث.. إلى من يمنحنا في نهاية يوم عمل شاق قصة مسلية أو نكتة طريفة.
طوال أكثر من 18 عاماً حتى الآن، قضيتها في «الاتحاد»، الجريدة والبيت والجامعة، أحببتها فوق ما كنت أتصور، ليس فقط لتلك الاعتبارات المتعارف عليها، والتي تجعل المرء معتزاً بعمله، مثل ريادتها وإمكانياتها واحتضانها للنخبة، ولكن الأهم أنها تحتفي بالمبادئ.. ترسخها كل لحظة.. تتوارث أجيالها التقاليد المهنية الرفيعة، فلا مجال فيها للتعامل مع المنافسين زملاء المهنة بالذات، بحقد أو تعالٍ .. ندرك أننا لسنا وحدنا، وطالما نسبق مئات المرات، قد نستفز أحداً ليسبقنا مرة، وعندها لا نقلل من عمله، ولا نلومه.. لا نحاسب إلا أنفسنا، وليس من أجرى الحوار أو كان مصدراً للخبر.. لسنا صغاراً لنرى الأمور من هذا المنظور الضيق الصغير.. يعنينا كيف نحن ليس إلا.. يعنينا كيف نبقى كما اعتادنا القارئ وكما يريدنا دوماً.. في المقدمة.. لا ننظر للخلف، وصدقوني لا نفرح أبداً بسقطات غيرنا ولا بتراجعهم، لأننا كبار ننشد الخير للرفاق أياً كانوا.
قد يبدو الكلام غريباً للبعض، وقد يتساءل آخرون: لماذا هذا الكلام الآن، ومَن الذي استفزكم لتكتب ما تكتب، لكنني أولاً وأخيراً، وحتى لو كان هناك معنى في «رأس الشاعر»، أكتب عن قيمة وعن خُلق وعن تقاليد من المفترض أنها حاكمة لجميع المنتمين للمهنة، مستمدة من مواثيق نعرفها ونحفظها للعمل الإعلامي، والحمد لله أننا في الإمارات نمارس عملنا وسط سياج عام من الأخلاقيات، لا يخرج عليها إلا قلة من المبتدئين أو الحاقدين أو قليلي الحيلة ممن ابتليت بهم المهنة.
يبقى القارئ هو الفيصل.. يعلم من له ومن عليه.. من يخدعه ومن يحبه.. من يثابر ويكافح لأجله ومن يركن للجاهز والمعلب.. من يضغط على المسؤول لأجل القارئ، ومن يحاول الضحك على القارئ لصالح المسؤول.

كلمة أخيرة:
أولى قواعد النجاح أن تنشغل بنفسك.. على الأقل إن خسرت في العمل لا تخسر نفسك.