في انتخابات المرحلة الراهنة، أصبح وعي الناخب أوسع من المحيط، وأعظم من الجبال، وأصدق من لألأة النجوم، وأنصع من ضوء الشمس، الأمر الذي يجعلنا أمام رحلة مجللة برهانات لا تقبل الشك في أننا دخلنا في عمق المسؤوليات، ولجنا لججاً، تحتاج من كل مرشح أن يعد العدة لمقارعة فيها الخطى ثابتة، والرؤى واثقة، والأرض من تحت الأقدام، إلى وثبات تؤكد أن الجياد قد شدت لجام المعرفة، بالأصول والفصول والحقول المراد طرقها، والذهاب إلى ميادينها، من دون وجل أو كلل، أو ملل.
اليوم ونحن نشاهد هذه الصدور مفتوحة باتجاه الآمال العريضة، تقع أعيننا على رجال ونساء، استلوا ضمائر كالصقال القواطع، وهم يرفلون بإستبرق الوعود، وسندس العهود، وعلى كواهلهم تتعلق مسؤوليات كبيرة، والتزامات عظيمة، وهم أهل لها، وكفاءتهم سوف يبرزها مدى شفافيتهم في التعاطي مع الجمهور، والتداخل مع القضايا، والتواصل مع محدثات الواقع، وكل ما يستجد، ويمر عبر تلافيف العقول، وتلابيب القلوب.في هذه الانتخابات تبدو الصورة أكثر وضوحاً أمام الناخب والمنتخب، لأن التجربة أعطت ثمارها، ولأن الخبرة منحت الكل فرصة الوعي، واستيعاب ما ينتظره الوطن من الجميع. لا أحد خارج إطار الرحلة، ولا أحد بعيد عن ركب الأفكار المطلوب الإيمان بها، وترسيخها كواقع، وليس أضغاث أحلام. اليوم سوف تعبر السفينة بحر تداول كل ما يهم الوطن، وكل ما يشغل المواطن، من تطورات يمر بها الوطن، وعلى جميع الصعد، ونحن إذ نقرأ المشهد نجد أن في قلب كل مواطن تسكن مسؤولية المحافظة على أمنه واستقراره وطمأنينة أهله، وهذه هي الأولوية، وهذه هي الفطرة، وأبدية المسؤوليات التي لا يمكن الانزياح عنها أو الحياد فيها.
اليوم لا مجال للتفكير بالهوامش، بقدر ما يجب الالتزام بالأصول، والجذور، وجذر المسألة الوطنية هو أن عقيدتنا هي الوطن، ومشروعنا هو الوطن، ومنوالنا هو الوطن، وطريقنا هو الوطن، ومسكننا هو الوطن، وموئل حبنا هو الوطن، وكل ما عدا ذلك، فتلك بقايا وسنن، لا تأتي قبل الفروض. في هذه الانتخابات، الأمر مختلف، لأن مستجدات الواقع الإنساني مختلفة، الأمر الذي يتطلب من الجميع التوجه قبل كل شيء إلى الأخذ بناصية التمحور حول الجسد الواحد، والإمساك بجوهر الأشياء، بدلاً من مضغ الحشائش اليابسة. في هذه المرحلة، ونحن نقف على أعتاب عصر فيه الأنياب الصفر
تتكاثر مثل الوباء، يتطلب منا الأمر أن نكون عناصر صد ورد وكبح، وصدح، وأن يكون الجميع في خندق الوطن، ملاذ حب، وأفقاً رحباً.