هكذا تمضي القافلة، هكذا ينشق الأفق عن ضوء يحمل في طياته المعنى والدلالة، وفي الثنايا تكمن أحلام الطير، وأمنيات من أراد أن يكون نورساً بأجنحة الأمل. هكذا يعبر المسافرون ممر الحياة، وهم على يقين أن الوطن لا يحتاج إلى من يضع البهارات على طعام الصباح، بقدر ما يحتاج إلى نكهة الصدق، والإخلاص، والتعب من أجل أرواح تخلصت من الأنا، وذهبت إلى الآخر، بمشاعر لا تسوطها الأنا بعذابات الذاتية المغلقة، ولا تسوؤها المصالح الشخصية، بما يشوه، وما يسوف، وما يرخص الضمير، وما يغرق العقل في مياه المزايدات الضحلة. يفهم هؤلاء الأحبة أن الوطن هو العلامة المميزة لكل مجتهد، وكل مجد، وكل وفي، وكل مخلص، وكل متفان، وكل مثابر، وكل ذي حنكة، وفطنة. يفهم هؤلاء الأحبة أن الوصول إلى مقعد المجلس الوطني والوقوف تحت القبة الزرقاء ليس للأبهة، ولا البرستيج، ولا المظهر المخادع، هؤلاء رفعوا الرأس وقالوا نحن هنا، لأنهم يعرفون إمكانياتهم، ويعرفون أن الوجود في هذا المكان المقدس، هو إيمان، وتصديق بأن مسؤوليتهم الدفاع عن قضايا الناس، هي التزام ديني، ووطني، وأخلاقي، أمام الله والوطن. هؤلاء يعرفون جيداً أن عضوية المجلس الوطني، هي عضوية في الجسد الواحد، والهم الواحد، والمشاعر التي تخدم الوطن، وتصب في خانة البناء، والتشييد، ورفع الراية عالياً. هؤلاء الإخوة يعرفون أن انضمامهم إلى ركب المجلس الوطني هو انضواء تحت راية قيادة وطن، تضع على عاتقهم المساهمة في إبداء الرأي، والمشاركة في التصويب، والترتيب. هؤلاء يعرفون ولا تنقصهم التجربة أبداً في أنهم مطالبون بأن يكونوا عوناً في رفع جدران الوطن، وجعلها عصية على كل مكار، ختار، وكل مراوغ ومهاتر، وكل معتدٍ أثيم، همازٍ مشاءٍ بنميم. هؤلاء يعرفون أن للعضوية ثمناً، وأهم الأثمان أن تكون مناصراً لقضايا العدالة الإنسانية التي يتبناها الوطن، وضحى من أجلها، وبذل النفس والنفيس، من أجل إعلاء كلمة الحق، والحفاظ على حقوق الإنسان في كل مكانٍ وزمان. هؤلاء يعرفون أن عضويتهم هي وسام شرف، مهدى من أولئك الذين انتخبوهم، ووضعوا الثقة في أعناقهم، ووثقوا في كل ما جاء في برامجهم الانتخابية. هؤلاء يعرفون أن عضويتهم، تفرض عليهم الوفاء بوعودهم، والالتزام بتعهداتهم، والسير على خطى الآباء الذين وعدونا، ونفذوا، وأصبحوا علامة، وشامة، في جبين كل شريف، محب لوطنه.