- كل شخص يسمح له أن يخطئ، إلا الإعلامي فخطأه مثل مسألة السائق الملتزم الذي يقود سيارته، ويحترم النظم والقواعد المرورية، ويحرص عليها قبل غيره، لكنه مرة سها أو غفل أو باله كان مشغولاً أو انتابته ضغوط حياتية، فحرق الإشارة الحمراء، كل ذلك التاريخ لن يشفع له، لأنه تجاوز خطاً أو إشارة حمراء، وهو ملزم بمخالفة، حاله حال السائق الأرعن والمستهتر، لماذا الإعلامي خطأه ظاهر بيّن، ويراه كل الناس؟ في حين أن أخطاء الناس العاديين تمر، ولا أحد ينتبه لها أحياناً، وأحياناً يجدون لها عذراً، وأحياناً يتجاوزون عن أخطائهم، هذا لأن الإعلامي يعمل دوماً في النور، وتحت الأضواء الكاشفة، وصورته وأفعاله في المرآة العاكسة التي يشاهدها الناس، في حين الآخرون إما يعملون في الظلام أو بعيداً عن الأضواء أو يسايرون ظل الجدران، فلا يبينون. - أحياناً تبتلى بشخصيات تتعثر بها في طريقك، ولَم تحسب لها حساباً طوال نهارك، ولا تعتقد أنه يمكن أن تحدث لك في يومك، كأن تكون لاهياً تقلب نقّالك، تقرأ موضوعاً أو تتصفح صوراً أو تستمع لموسيقى في ركن فندقي بارد، فتقف على رأسك ثلاث فتيات، فيفز شق قلبك الشمال الأمّار بالمشاغبة، فتتبسم لهن، وحين ترى تقطيبة على حواجبهن المعتنى بها، كأنها ليلة خميس، يتحرك ببطء شق قلبك اليمين المتربص والمتحفز والمعتاد على الخضّات، فتريد أن تبدأ بكلمة خير أو مرحباً، فيبادرنك بصوت واحد، وكأنهن تدربن عليه خلال الدقائق العشر حين هممت بدخول الفندق، ولَم تلحظهن، ولا حتى تراءين لك في ذلك الفضاء الجميل: «ممكن نشوف تليفونك؟ لو سمحت يعني»! «نعم.. خير»! «لا.. بس شفناك تصور، ونحن حريم وحدنا جالسات في ردهة الفندق»، «طيّب.. وأنا إنسان محترم، وجالس لوحدي في ردهة الفندق، ولا أعتقد أنني أفكر في تصوير نساء مستورات»، «بس.. نريد نشوف تيلفونك، علشان نطمئن»، «لكني لم أركن، ولَم أنتبه لكن، حتى لو مررت بجنبكن، فعادة عيني في موضع موطئ قدمي، وأنا صورت المزهرية الجميلة ذات الورود المتناسقة، والألوان المتجانسة، وبعدين هل تعتقدن أن في واحد عاقل يغازل نصف القايلة، ووسط هذه الضولة من الأوروبيات المرحات»؟ «خل الأوروبيات المرحات عليهن يلالهن.. من فضلك نريد نشوف الصورة اللي صورتها، علشان تبرد قلوبنا»، «أنا إنسان محترف، وحتى لو صورت فأعرف كيف أختار زاويتي، وأعرف ما هي النقطة الذهبية التي أبحث عنها في الصورة»، «معليش أخوي لو سمحت»، «طيّب.. علشان تبرد قلوبكن.. تعالن شوفن ما أجمل هذه الصورة والإطار الفني الجميل الذي يحيطها، وهي نوع من أنواع الفن الساكن.. خلاص برد جوفكن»! «سامحنا..»، «وأنا.. أشكركن»!