تعب العرب من القضية الفلسطينية! وملّ العرب من الصراع العربي الإسرائيلي! ولكن لم يتعب الفلسطينيون من قضيتهم، ولم يملّوا من المطالبة بحقوقهم.. ويئست الشعوب العربية من الساسة الفلسطينيين، وأصبحت تحاسب الشعب الفلسطيني على ما اقترفه السياسيون الفلسطينيون، ولكن الشعب الفلسطيني لا يزال يصرخ بأعلى صوته مطالباً بحقه في أرضه.. والشعب يقدم الشهداء كل يوم، ولكنه لا يموت، والأرض الفلسطينية تُحتل قرية قرية، ولكن الأرض لا تضيع. ‏وقد تعلن إسرائيل القدس عاصمة لدولتها، ولكنها لن تستطيع أن تفرض ذلك على الشعب الفلسطيني ولا على العرب ولا على العالم الحر، وقد تنقل الولايات المتحدة الأميركية سفارتها في الشهر المقبل إلى القدس، ولكن ستبقى القدس عربية، وتبقى القدس من حق كل الأديان ‏السماوية. من يطالع المشهد الفلسطيني لا يرى إلا شعباً أبياً لا تموت فيه الحمية ولا يتراجع فيه الإيمان بالحق في الأرض واليقين في العودة، ففي فلسطين يخرج جيل بعد جيل، يؤمن باسترجاع الأرض وعودة الحق. ‏في 14 مايو المقبل، تكمل إسرائيل 70 عاماً على إعلان قيامها في عام 1948، وطوال سبعة عقود فشلت إسرائيل في أن تتعامل مع الفلسطينيين كشعب له حق. ‏ومشت حكومات الاحتلال المتلاحقة في خط واحد، وفي اتجاه واحد في تعاملها مع الفلسطينيين، وهو إنكار حقهم جملة وتفصيلاً، ورفض التعامل معهم كشعب له حقوق، وفي الوقت نفسه فعلت كل شيء كي تخرجهم من أرضهم، ورفضت أي عودة للاجئين. إسرائيل طوال تلك العقود كانت عنصرية، رفضت كل من هو غير ‏يهودي في دولتها المصطنعة، سواء أكان مسلماً أم مسيحياً، وأصرت على السلوك العنصري والعنيف، ومارست كل أنواع القوة والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من أنها نجحت في أن تقنع العالم بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، فإنها أصبحت مكشوفة للجميع، تُمارس القمع حتى ضد الأطفال، وبأنها الدولة العنصرية ‏الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، والدولة التي تريد أن تكون دينية ولليهود فقط! إسرائيل بعد 70 عاماً، يفترض أن تعيد حساباتها وطريقة تعاملها مع الشعب الفلسطيني، وكذلك بعد 70 عاماً، يفترض أن يعيد الغرب طريقة تعامله مع القضية الفلسطينية دون أن ينحاز انحيازاً كاملاً لإسرائيل، ‏كما تفعل الإدارة الأميركية الحالية. أما العرب الذين تعبوا من القضية الفلسطينية، ويئسوا من القيادات الفلسطينية، فليس مطلوباً منهم إلا أن يقفوا مع الشعب الفلسطيني، فالشعب لا يتحمل مسؤولية تصرفات القادة الفلسطينيين الذين تبين أنهم وفي بعض الفترات كانت تحركهم مصالحهم الشخصية والأيديولوجية. ‏ليس هناك شعب في العالم يبقى تحت الاحتلال والقهر لأكثر من سبعة عقود ويظل صامداً، فقصة الشعب الفلسطيني عظيمة تستحق الاحترام، وتستحق الوقوف أمامها طويلاً، وتستحق الدعم.