التحرك السريع الذي قامت به بلدية أبوظبي بوقف معاملات المسؤولين عن حادث سقوط الرافعة في العاصمة مؤخراً حظي بترحيب واسع، وكانت له أصداؤه الطيبة عندما قررت البلدية وقف جميع معاملات المقاول والاستشاري والمقاول من الباطن، وذلك لمسؤوليتهم المباشرة عن الحادث الذي ينتظر الجميع التقرير النهائي بشأنه من الشرطة لتحريك إجراءات قانونية أشد بحقهم. من لطف الله أن الحادث لم ينجم عنه سوى خسائر مادية طالت مركبات كانت متوقفة عند موقع الرافعة البرجية المتحركة، ومع هذا فإن تحرك البلدية جاء رسالة للجميع بأن لا تهاون بشأن الالتزام الصارم باشتراطات وقواعد الأمن والسلامة. جاء الإجراء التمهيدي مقدمة لإجراءات أخرى أشد بعد انتهاء التحقيقات الجارية، وبمثابة تذكير وتحذير لكل من يتهاون بتلك الاشتراطات التي لا يتقيد بها بعض المقاولين، وتتطلب منا جميعاً التعاون مع البلدية وغيرها من جهات الاختصاص للإبلاغ عنها. فالمخالفات هنا لا تقتصر على الرافعات البرجية المستخدمة في مواقع البناء والإنشاءات، وإنما تتخذ صوراً ومشاهد عدة، وبالذات تلك النوعية من المقاولين ممن لا ينهون أعمالهم بالصورة الكاملة والمطلوبة، وبالأخص في الضواحي والمناطق الخارجية حيث تترك حفر توصيل الخدمات بلا ردم لفترات طويلة ريثما يتذكرها المقاول الهمام. البعض من تلك الحفر عميقة وخطرة، ولا يكلف المقاول نفسه حتى عناء وضع شرائط ولافتات تحذيرية وإشارات مضيئة خلال أوقات الليل لمنع الاقتراب منها. الصرامة في تنفيذ اشتراطات السلامة جاءت لحماية الأرواح والممتلكات، وهي ليست من الأمور التي يمكن التهاون فيها أو المساومة عليها، وقد بنت عاصمتنا الحبيبة سمعة رفيعة في هذا الجانب بفضل الإجراءات واللوائح المنظمة، وهي ثمرة المتابعة الدؤوبة للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي الذي أولى هذا الجانب كل الاهتمام والرعاية وعززها بوضع الاشتراطات ذات المعايير والممارسات العالمية، بل أوجد لجنة مختصة بقضايا الأمن والسلامة تحرص دوماً على النزول في جولات ميدانية للاطلاع على سير العمل في مختلف المرافق الحيوية بالإمارة لضمان الالتزام بتطبيق تلك المعايير بصورة تحقق السلامة العامة للسكان وتحقق الغاية منها لخدمتهم وإسعادهم، والارتقاء بتلك الخدمات أولًا بأول.وبانتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، نتمنى أن تواصل بلدية أبوظبي تعاملها الشفاف في القضية، وإطلاع الرأي العام، لترسيخ هذا التعامل الصارم والحازم مع كل من يستخف بأرواح وممتلكات الآخرين وسلامتهم.