الإمارات في عصرها، وبصيرة الذين يرفعون شراع السفر البعيد، أصبحا النهر الذي تمضي فيه الطيور، ريانة بالهوى، ونعيم العلاقة الفطرية، ما بين الماء والأجنحة. الإمارات اليوم النخلة التي رفرفت على سعفاتها فراشات الأحلام الزاهية، وتنامت عند قمتها ثمرات التوهج والطموح الجميل. دول كبرى تتسابق كي تصل إلى أفق الإمارات، وتعمل جاهدة كي تلامس شغاف هذا البلد، المتألق حلماً، المتدفق علماً، المتناسق وعياً، السابق لعصره، الذاهب للمستقبل ببريق الأمنيات الكبيرة، الطارق لأبواب المجد بكل ثبات وثقة وأناة وتؤدة، يقطف من زهرات الحياة أجملها، ويرشف من شهد الكون أعذبه. عندما يدعو الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن إلى علاقة استراتيجية مميزة، فإنه يعرف جيداً أين يشير بإصبعه، وإلى أي بلد تتجه بوصلة كوريا، إنها تذهب إلى المحيط الإماراتي، إنها تقف عند سواحل بلد نصعت موجته، ورسمت صورة الغد بأنامل عشاق، أقوالهم أفعال، وأفعالهم سلوك إنساني منقى بالثلج والماء البرد. كوريا الجنوبية تصل الإمارات بقلب مملوء بالثقة، وهذا البلد لا يزور الشواطئ من دون مرساة، ولا يمخر عباب البحار من دون أشرعة، إنها كوريا الجنوبية، تجنبت كل العوائق لترسو عند مرافئ التطور المذهل، وحققت حلمها في دقائق التكنولوجيا بوعي السريرة، ونقاء فضائها من غبار الأيديولوجيا الحمقاء، واتسعت حدقتها كما هي السماء الزرقاء، فكانت الدولة الناهضة ضمن دول تقاسمت معها الأحلام والأيام، واليوم تأتي هنا كوريا، وتلتقي قيادتها مع السامق الباشق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ليسطع المشهد الإنساني بهامتين آسيويتين، هما مثال للفرادة والاستثنائية في صناعة الأوطان، هما نموذج في قيادة التاريخ، هما قدوة في صياغة واقع حضاري متميز، يمنح البشرية أمل الحياة من دون شوائب، وضوء يذهب في الأفق يزيح عن كاهل الشعوب سغب الدنيا. لقاء الإمارات وكوريا، هو لقاء نهرين كبيرين سوف يصبان في تربة العالم أعذب القطرات، لتنمو الأشجار، وتتسع الظلال، وتبتهج الدنيا بحياة أرحب وأخصب، وتعيش الشعوب برفاهية ورخاء وثراء ونعمة الأمن والاستقرار وطمأنينة النفس. الإستراتيجية الخاصة بين الإمارات وكوريا، هي نتيجة لخصوصية تكوين البلدين، وتميزهما الفريد في التعاطي مع الظروف الدولية، وما يحيط بالعالم من أخطار، وعلى رأس هذه الأخطار هو الإرهاب الدولي، وما يسببه من كوارث أجهضت المشروع الإنساني الحضاري، وأعادت الكثير من دول العالم إلى ما قبل العصور البدائية، ولأن الإرهاب آفة كونية، فإنه يحتاج إلى قادة كونيين يواجهونه بصرامة الرجال الأفذاذ، وحزم القادة العظام.