ما هو سر قوة العلاقة الإماراتية الكورية؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نشير إلى أن العلاقات التي تجمع دولة الإمارات بجهورية كوريا الجنوبية تاريخية وقديمة وتعود إلى أكثر من ثلاثة عقود، أما سر هذه العلاقة، فيكمن في عنصرين مشتركين يجمعان بين البلدين، أولهما أن مشروع البلدين بني منذ اليوم الأول على «الإنسان»، فتعليم الإنسان وصحته وحقوقه الإنسانية والاجتماعية والحياتية تقع دائماً ضمن أولويات البلدين، وبالتالي فإن القدرة على فهم الآخر والتفاهم بين الطرفين كانت أسهل دائماً، وثانيهما وهو أمر آخر مهم أيضاً، وهو الاحترام والثقة المتبادلان بين البلدين قيادة وحكومة وتقدير الطرفين لتجربة الآخر، وهذا ما يجعل العمل المشترك بين البلدين يسير بشكل انسيابي وسريع، ولدى الإمارات رؤية استراتيجية في علاقتها مع كوريا الجنوبية بغض النظر عن الشخص الذي يحكم، أو الحزب الذي يتولى زمام الأمور، فمصلحة البلدين والشعبين دائماً أمام عين مُتَّخِِذ القرار في الإمارات، وهذا يعكسه حجم المشاريع بين البلدين، كما تكشفه العلاقة القديمة بين الإمارات وكوريا الجنوبية، ولأنها كانت أولى العلاقات بين كوريا وإحدى دول المنطقة، فلم يكن غريباً أن يتصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالرئيس الحالي، ويهنئه هاتفياً بعد فوزه في انتخابات العام الماضي. العلاقة الإماراتية الكورية قوية وستصبح بعد الزيارة الحالية للرئيس مون جيه إن أقوى وأكثر عمقاً، خصوصاً بعد أن أعلنت كوريا الجنوبية رغبتها في أن ترتقي العلاقات الاستراتيجية بين البلدين إلى علاقات «استراتيجية خاصة»، وهذا من شأنه أن يجعل التعاون والشراكة بين البلدين أكثر تميزاً، ويؤسس لمرحلة متطورة وعلاقات أكثر فائدة للطرفين. وهذا الاهتمام الكوري بعلاقتها بالإمارات بلا شك يقابله اهتمام إماراتي رسمي وشعبي، أما على الصعيد الاقتصادي، فالشراكة تتسع وتقوى، خصوصاً في قطاعات الطاقة والاستثمار والتقنيات، ووجود اللجنة الإماراتية الكورية الاقتصادية المشتركة يعزز التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات. وما يؤكد توسيع نطاق التفاهم وتعزيز الصداقة والثقة بين البلدين أنه خلال عشر سنوات فقط ارتفع عدد الكوريين الذين يزورون الإمارات بواقع 430 مرة وزاد حجم الاستثمارات الإماراتية في كوريا الجنوبية بقيمة 23 مرة، وهذا ما اعتبره الرئيس الكوري مؤشراً إيجابياً وجعله يقول: «كل هذا سيكون أساساً قوياً يدعم تطور العلاقات بين البلدين من «الرفيق» إلى «الأخ» في الرحلة الجديدة ومدتها 100 عام». الإمارات وكوريا الجنوبية بلدان نجحا في تحقيق حلمهما في وقت قياسي وتحولا إلى بلدين متقدمين خلال عدة عقود قليلة، وذلك بفضل التخطيط الصحيح، والعمل الدؤوب، والتركيز على بناء اقتصاد قوي، وقبل كل ذلك بفضل الإيمان بقدرات الإنسان.