يا إلهي..
في مثل هذه الساعة من مساء الحنين، في مثل هذا الشوق الذي يزلزل مشاعري، في مثل هذا الحب الذي يضج به قلبي، في مثل هذا التوحد الذي يعصف بي في غيابك، في مثل هذا كله أشتاق إليك. ربما نجلس صامتين أو نثرثر مثل عصافير المساء على شجرة التوت المكتظة بالثمار الحلوة التي كنت أصنع منها المربى والعصير الذي كنت تحبينه وتأخذين بعض زجاجته إلى البحرين هدية مني إلى ابنتي وحبيبتي الغالية. أو مثل جدولين يتدفقان إلى جهة لا نعرف إلى أين. أو مثل نجمتين تنفلتان من مجرتهما، أود الحديث معك واحتضانك في قلبي.
في هذي اللحظة من الليل اليتيم مثلي. وحين ينثر الرازقي عطره في فناء البيت كنتِ تقطفينه وتشتمين رائحته. والعطر الذي يقول لك ما لا أملك قوله. وحين أقترب لأقطف الرازقي يردني خوف خفي من جمال بياض الرازقي وفتنة عطره. ربما لو أننا في بلد واحد أتيت إليك في مثل هذا الوقت الذي هو جلوة روحي وهياج شوقي. دون أن أخشى غضبك واحتدامك بسبب ورثة لم أرث منها سوى ندمي وحزني. أما من يحرضونك علي فليس لهم حق، وليس لهم ذرة مما خلفته والدتنا الغالية لي ولك. فلهم أقاويلهم وباطلهم ولي ولك حب لا تحده لعنة الميراث!
ما الذي يجعل هذه الساعات الآن والمسافات والجوازات والمطارات والحدود لحظة عصية لزيارتك لي؟
مرة قلتُ سأكتب لك رسالة صغيرة أو بطاقة معايدة. ثم حاولت الاتصال بك هاتفياً لكنك لم تردي علي! فتذكرت أنك حين اتصلتِ بي لم تكن نبرة صوتك ما اعتدتها منك. بل كانت عاصفة زلزلت هدوئي وأيقظت دهشتي واستغرابي. ولم أستطع حتى أن أرد على افتراءاتك واتهاماتك! الآن ينفجر في قلبي شوقي إليك، كما تشتاقك زهرة الرازقي التي تفتحت دون أن ترشك بعطرها. فماذا أقول لها.. وماذا أقول لك؟ وأنت أبعد من عطرها الذي ينتثر في حديقة البيت ولا أستطيع القبض عليه وإرساله لك. هل أستطيع القبض على موجة الشوق والحنين وإرساله لك ليعطر ملابسك وقدميك في هذه اللحظة التي يعصف بي حنيني وشوقي إليك؟ ماذا أفعل الآن وكيف أبعث إليك باحتدام شوقي وقلقي على صحتك، إذا كنت لا تردين على اتصالي بك؟
تعالي إذن وخذي ما تشائين واتركي لي بعضاً من محبة الأخت لأختها. ولا تجعلي الميراث بيننا فاصلاً بين الشوق والنسيان، وبين الموت والحياة!!