محاربة اليأس بالأمل، ومحاربة التشاؤم بالتفاؤل، ومحاربة الحقد بالحب ومحاربة الكراهية بالتسامح، وفتح الأنهار باتجاه الحقل، لكي ترتوي الأشجار وتسمق الأغصان، وتبرز البراعم، وتتفتح الأزهار، وتزهو وجوه الناس بالابتسامة وتصير صحراء النفوس مروجاً وبساتين، تثب فيها غزلان الحياة، باتجاه الفرح. هذا ما تعنيه الإمارات، وهذا ما تصبو إليه القيادة، وهذا يجعل العالم محيطاً بلا زبد، ولا هدير، يرعب زعانف السكينة، ويغشي العيون الصافية. صناع الأمل الذين يعملون بصمت، ويبذلون من دون ضجيج، ويفتحون النوافذ كي يدخل الهواء الطلق إلى حيث تنام القلوب المكلومة، وإلى حيث تتناثر الزجاجات المثلومة. صناع الأمل هم الذين يقفون على سطح المركب، ويمدون حبال النجدة، لينقذوا من أخذتهم الموجة الحانقة، إلى أعماق سحيقة، صناع الأمل، هم الذين يسيرون في الصحراء القاحلة، بحثاً عمن تاهت بهم السبل، ومن ضاعت عنهم بوصلة البياض، فصناع الأمل يضيئون الطريق لمن تعثرت أقدامهم بحصى مراحل ما بعد الفراغ، ومن تعرقلوا وهم في الطريق إلى منابت العشب. صناع الأمل هم من يشعلون شمعات الفرح، وهم من يفرشون سجادة منقوشة بالألوان الزاهية، وهم من يرفعون النشيد عالياً، كي يهدل الحمام، وتغرد العصافير، وتحتفل الحقول بميلاد إنسان بلا أحزان، ونمو الأزهار على الكثبان، وازدهار الشواطئ، بأحلام الموجة الوادعة. صناع الأمل، مثل النسيم، ينسل بخفة باتجاه الخدود والوجنات يلامس بنعومة، ويهدهد الأجفان برقة ولباقة وأناقة. صناع الأمل، مثل بريق في المقل، مثل شعاع يرسم في الأعماق صورة الحياة، مخصبة بالمعاني الجميلة، مخضبة بحناء السعادة. صناع الأمل ينسجون قماشة عرس بهيج، عرسانه أولئك الذين فاتهم القطار، فالتحقوا أخيراً بآخر عربة فتلقفتهم الأيدي الناصعة، وسارت بهم صوب مناطق لم يلحقها أَذى القنوط، ولم يدنسها ألم اليأس. صناع الأمل رحلة في ساعات الصمت، تجوب ركابهم رمال الذين لم تسعفهم الحياة على السباحة في بحر توحشت أسماكه، وتهورت مجاهله، وطالت أنياب أعماقه. صناع الأمل يقبضون على الحياة، ويسلمونها سخية بهية ندية لمن لم تتروض بين أيديهم سنابل العشب، ولم تسكن تحت أقدامهم الرمال الحارقة. صناع الأمل يستحقون أن يكونوا أمام المرآة، لنرى فيهم أنفسنا، ولنعرف أنفسنا فيهم، ولنكون جميعاً فريق عمل من أجل الأمل.