عندما تقف دولة في وسط ظلام العالم مثل الشمس، تضيء الوجدان المعتم وتنير دروب القوافل باتجاه المستقبل، وتضع باقات الورد في الاتجاهات الأربعة، منثورة مثل الحب في قلب النجمة، مثل الشفافية في شرشف الغيمة، مثل الصفاء في عيني غزالة، فإن من حق العالم أن يحتفي بهذا البلد، ليرد الجميل لأهل الجميل، وليقف أمام هذا الصرح العملاق، مذعناً للأخلاق النبيلة، التي صاغت القلادة بمذاق القصيدة العصماء، ومزاج الطير الخافق في فضاءات الله. عندما تتألق الإمارات مثل الكوميديا الإلهية لدانتي، مثل رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، فإنه لابد أن تتجلى النفس البشرية عن هذا الثناء، وأن يتحلى البشر بأخلاق المريدين الذين يعرفون ما للرموز من هالة تستحق التقدير والاحترام، وأن تسفر التقارير الدولية عن صدق وأمانة، وأن تعطى الإمارات حقها في الاستبيان والبيان، ولأن الإمارات تقدم للعالم النموذج الحي في التواصل، والاندماج مع الآخر، فإنها اليوم تحصد كل هذا الوفاء والانتماء إلى الحقيقة. نعم الإمارات في قلب الحدث الإنساني، وفي صلب الحقيقة، والذين يزورون الإمارات، والذين يكونون عن قرب من منجزها الحضاري، يعون مدى البذل الذي قدمه الإنسان، لكي تصل الإمارات إلى هذا المستوى من الرقي والتطور في مختلف الصعد والمجالات. يحاول المغرضون أن يسيئوا إلى مياه النهر، ولكنهم ينكفئون ويتقهقرون لمجرد رؤية مياه النهر وهي تجري وتجرف الملوثات، فهذه الإمارات، نهر يجري عند ضفاف القلوب ويذهب إلى المدى، يذهب إلى الحياة، يذهب إلى الإنسان، كي يمنحه السعادة بعدما يرويه من العذوبة، وبعدما يسكب في روحه الطمأنينة. هذه الإمارات تحتفي بنشيد الوجود، وتطلق العنان للجياد، كي تعبر المدى وتفتح النوافذ للطير، كي يبعث هديله في غرف العالم، وليكون الصدى نمو زهرات الفرح، عطر الوردة في النواصي والأزقة، وما بين ضلوع المتشظين شوقاً لحياة لا تنبت فيها أشواك الغبن، ولا تعبث فيها مخالب الضنك. هذه هي الإمارات، يكرمها العالم بشهادة الدهشة، لأنها أكرمت الوجدان الإنساني بالحب، فأعطت وفاضت بالعطاء، حتى ارتوت الأنهار من عذوبتها، وناخت إبل الصحراء لفضلها. هذه هي الإمارات، بفضل أهل الفضل هي اليوم في القمة، هي على رأس الموجة، هي عند رفرفة الطير، وهفهفة الأغصان السامقة.