الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«أوبن ديموكراسي»: مطامع أردوغان «الاستعمارية» تهدد تركيا بـ«أزمة خطيرة»

«أوبن ديموكراسي»: مطامع أردوغان «الاستعمارية» تهدد تركيا بـ«أزمة خطيرة»
16 أغسطس 2019 00:24

(لندن - دينا محمود)

حذر موقع «أوبن ديموكراسي» الإلكتروني البريطاني من أن «السياسة الخارجية الإمبريالية» التي ينتهجها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحمل في طياتها «أزمة اقتصادية هائلة»، قد تضرب تركيا في أي وقت، بفعل المطامع التي يضمرها هذا النظام، وتفوق قدراته بكثير.
وفي مقال تحليلي نشره الموقع -الذي تابعه أكثر من ثمانية ملايين متصفح منذ مطلع العام الجاري- أكدت المحللة المخضرمة جونانش أويصال أن النظام الحاكم في أنقرة، لا يدرك ربما حقيقة أن «تركيا ظلت دولة تقع على هامش النظام الرأسمالي العالمي، وأنها ارتبطت منذ أمد بعيد بعلاقات تبعية اقتصادية وسياسية وعسكرية مع القوى الغربية الكبرى».
وأشارت إلى أن أردوغان وحزبه «العدالة والتنمية» تجاهلا وضعية التبعية هذه، وانتهجا على مدار العقدين الماضيين تقريباً، سياسة خارجية «شبه إمبريالية أو استعمارية» في منطقة الشرق الأوسط، مُشددة على أن هذا النهج «أثار التوترات بين تركيا والدول الغربية الكبرى» لا سيما وأن أنقرة سعت إلى «فرض مصالحها الاقتصادية والسياسية والعسكرية في دول مثل سوريا وقطر».
وقالت أويصال إن نظام أردوغان سعى في هذا السياق إلى إحياء أوهام «الإمبراطورية العثمانية» على الرغم من أن هذه الدولة «دخلت في طيات كتب التاريخ» منذ نحو قرن من الزمان، متناسياً أن تركيا لم تعد الآن سوى «دولة رأسمالية هامشية» لا أكثر ولا أقل.
وتجاهل الرئيس التركي كذلك -بحسب المقال- حقيقة أن بلاده تعتمد في تراكمها الرأسمالي على «علاقات التبعية» التي تربطها بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأيضاً على التزاماتها حيال مؤسسات غربية رئيسة، من قبيل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وحلف شمال الأطلسي «الناتو».
وكشفت جونانش أويصال في مقالها عن أن النظام التركي عمِل على تفعيل «سياساته شبه الاستعمارية» في الشرق الأوسط منذ مطلع القرن الجاري، عبر إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة مع العديد من دول المنطقة، وتوسيع مجالات عمل الشركات التركية الخاصة، في بعض من هذه البلدان.
كما استغل نظام أردوغان في هذا السياق برنامجاً للمساعدات الخارجية، ادعت أنقرة طويلاً أنه ذو أهداف إنسانية، ولا يرمي سوى لإيصال الغذاء والدواء لمناطق منكوبة، في وقت شكّل فيه ستاراً لمحاولات توسيع النفوذ التركي سياسياً واقتصادياً، في دول مثل ليبيا وسوريا ولبنان واليمن بجانب الأراضي الفلسطينية.
ولم تغفل الكاتبة الإشارة إلى السياسة الانتهازية التي انتهجتها حكومة أردوغان حيال الاضطرابات التي اجتاحت الدول العربية اعتباراً من أواخر عام 2010 في إطار ما عُرِفَ بـ«الربيع العربي»، قائلة إن النظام التركي أبدى دعمه -مثلاً- لجماعة «الإخوان» في سوريا، بدعوى السعي لإسقاط نظام بشار الأسد، وقدم للفصائل الإرهابية هناك السلاح والمأوى والإمدادات الطبية اللازمة.
وتجسد هذا النهج الانتهازي كذلك في تبدل سياسات أنقرة حيال موسكو، من مواجهة عسكرية بدت وشيكة بعد إسقاط مقاتلة روسية فوق سوريا قبل سنوات، إلى تعاون وثيق بلغ حد إبرام صفقة مثيرة للجدل، حصل بموجبها الجيش التركي على بطاريات صواريخ «إس - 400» الدفاعية الروسية المتطورة، في خطوة تضع نظام أردوغان على طريق صدام محتوم مع الإدارة الأميركية وغيرها من الحكومات الغربية.
لكن ذلك لم يمنع أيضاً -كما يقول المقال- من أن تسعى تركيا الآن لكي تقوم بدور «مقاول من الباطن» للولايات المتحدة في سوريا، عبر المحادثات الجارية بينهما في الوقت الراهن، لتنسيق الجهود العسكرية لجيشيهما في الشمال السوري.
بالتوازي مع ذلك، أشارت المحللة التركية المخضرمة إلى محاولات أردوغان توسيع نفوذه العسكري في الشرق الأوسط بشكل سافر، عبر إقامة قاعدة في قطر اعتباراً من عام 2015، وتعزيز علاقاته مع النظام الحاكم في هذا البلد، خاصة في ظل المقاطعة التي يتعرض لها من جانب غالبية جيرانه الداعمين لمكافحة الإرهاب.
وقالت أويصال إن الوجود العسكري التركي في قطر، تزامن مع مساعي أنقرة المحمومة لتعزيز العلاقات العسكرية مع دول مثل الصومال، وكذلك مع السودان في ظل نظام حكمه السابق، وهو ما يصب في سياق المحاولات التركية للحصول على موطئ قدم في منطقة القرن الأفريقي وخليج عدن.
وخَلُص المقال للتأكيد على أن السياسة الخارجية الهوجاء لنظام رجب طيب أردوغان في الشرق الأوسط، أذكت منافسة اقتصادية وجيوسياسية طاحنة على الهيمنة فيها، بينه وبين دول المنطقة والقوى الغربية في الوقت نفسه.
وقال إن من المشكوك فيه أن يكون بوسع النظام التركي أن يتحمل في نهاية المطاف الأعباء الاقتصادية المترتبة على كل ذلك، خاصة في ظل نذر أزمة تطرق أبواب تركيا، وتهدد اقتصادها المترنح من الأصل، ما قد يدفع نظام أردوغان لمزيد من التبعية عبر الاضطرار إلى طلب المساعدة من المؤسسات المالية الغربية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، وهو أمر يجعل مستقبل البلاد ضبابياً في أفضل الأحوال.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©