الأبطال لا يقنعون بالاعتياد.. لديهم القدرة على مخالفة كل التوقعات، والذهاب إلى أكثر مما يستطيعون.. لديهم القدرة على فرض واقع جديد ومعطيات جديدة.. يستطيعون أن ينسجوا حكايات مختلفة، تباهي بها الكرة ذاتها. هذا هو العين الذي رأيناه أمام الوحدة.. دخل المباراة وكان قبلها قد خسر من الشارقة في ظروف استثنائية، وقبلها كان قد خسر أيضاً من الوحدة ذاته في كأس الخليج بالخمسة.. كل المعطيات كانت تشير إلى مباراة عنوانها الكفاح، وإنْ تقدم أحد الفريقين بفارق هدف أو أكثر ليس إلا، لكن ولأنه العين، فقد صنع ملحمة أحرز خلالها ستة أهداف، مسجلاً أعلى نتيجة يشهدها صراع الفريقين في عالم المحترفين. هذا هو العين الذي بإمكانه أن يسجل أرقاماً قياسية على كل المستويات، فتزحف جماهيره لترسم واحدة من أبهى صور دورينا، وتسجل أكثر من 20 ألف متفرج، ولتؤكد أن الكرة الحقيقية لها عشاقها الذين يعلمون مسبقاً ماذا ينتظرهم. ضرب العين أكثر من عصفور بحجر واحد أمام الوحدة، فقد عزز صدارته ومضى بخطوات واثقة صوب الدرع الغائب عنه منذ عامين، وأكد أن لديه من الأوراق الرابحة الكثير، بعد أن تناوب خمسة من لاعبيه في تسجيل الأهداف، وأكد تفوقه التاريخي على «العنابي»، وحصل على جرعة ثقة مهمة قبل أن يوجه البوصلة تجاه آسيا ومواجهة الاستقلال الإيراني بعد غد الثلاثاء، وتمثل آسيا التأكيد الأهم للقوة العيناوية، فكل حرث في الدوري، عليه أن يكون له حصاد في آسيا، وإلا هو حرث في الماء. السداسية العيناوية في مرمى «أصحاب السعادة»، لم تتحقق بالمصادفة وليست ضربة حظ، لكنها نتاج عمل كبير من الجهاز الإداري والفني واللاعبين، وهي لا تعكس انهياراً في صفوف الفريق الوحداوي كما قد يتصور البعض، فقد سبق وفاز العنابي على العين بالخمسة في كأس الخليج، وعاد «الزعيم» ليرد الدين ويزيد هدفاً، لكن مثل هذه المباريات الاستثنائية، قد تمنح نتائج مثلها استثنائية، تعكس نظرة الفريقين للمباراة، وأن كلاً منهما لم يكن يتطلع سوى للفوز، ما جعلها مباراة مفتوحة، انتصرت فيها كرة القدم، ومنحت حضورها متعة تليق بالجانبين. لم ينته الدوري بعد ولا تزال الجولات الباقية تحمل أسراراً قد تقلب موازين المنافسة رأساً على عقب، وإذا كان العين هو المتصدر بجدارة والأقرب للقب الدوري، فعليه أن يدافع عن طموحه، وأن يعلم أن نتيجة مباراته الأخيرة ستزيد من صعوبة المواجهات المقبلة، وأن السداسية ستكون عبئاً عليه، والتحديات الحقيقية تتجلى في النهايات، وفيها أيضاً تظهر معادن اللاعبين. كلمة أخيرة: نادرون من يستطيعون صناعة الاستثناء.. ومن يمنحون السباق محطات للتاريخ