تحلق بعض أنواع الطيور في أسراب كبيرة على شكل رقم 7، ما ينتج عنه حالة من الاضطراب الهوائي يعد في مجمله سبباً في انسيابية عملية الطيران والتحليق، الأمر الذي يقلل حالة الجهد التي تبذلها الطيور في المجمل، كما أن -وهذا مهم جداً- حركة كل طائر في السرب إنما يولد بها حركة هوائية تساعد الطائر الذي يليه.. وهكذا.
وحسب الأبحاث، فإن الطيور التي تحلق بالسرب أثناء هجرتها، تستطيع قطع مسافة ما يقارب ثلاثة أضعاف المسافة التي يقطعها الطائر لو كان بمفرده!
تعد هجرات الطيور من أكثر تحركات الحيوانات إثارة وغموضاً، ولولا التقدم التقني لبقي اختفاء الطيور زمناً وعودتها فجأة لغزاً عصياً على البشر، إذ وفرت أدوات المراقبة والقياس الحديثة بيانات مثيرة جداً كانت لقرون طويلة أسراراً لأسراب لا حصر لها لهذه الكائنات التي تتجه في رحيلها الموسمي للمكان الأمثل للتزاوج والتكاثر. وقد تأكد مؤخراً عن طائر السمامة أن رحلة هجرته قد تصل لعشرة أشهر كاملة، قد يبقى محلقاً فيها طوال الوقت لا يمس الأرض حتى يصل لوجهته، وهو ما زاد الأمر تعقيداً، إذ كيف لهذه الطيور أن تبقى محافظة على طاقتها وتركيزها دون طعام أو راحة؟!
تمارس الطيور عمليات معينة أثناء الرفرفة والتحليق، وتتبادل أدواراً مختلفة أثناء الطيران -مازال الكثير منها قيد الدراسة- ما يكلل رحلتها التي تقطعها من الشمال إلى الجنوب وعودتها بالنجاح، من تلك العمليات على سبيل المثال، أن الطائر في مقدمة السرب وبحكم إجهاده الأسرع وتحمله للجهد الأكبر في مقاومته لتيار الهواء، يترك مكانه لطائر آخر، مرتداً لمؤخرة السرب بكل هدوء، ومتيحاً للآخر فرصة إدارة دفة العمل وإكمال المسيرة أو جزء منها. ومن هذه العمليات أيضاً وجود طيور داخل السرب في المؤخرة، تتولى عمليات الصياح تشجيعاً لبقية الطيور للصمود والاستمرار.
الجميع بلا استثناء يقوم بدور مهم لإنجاح العملية برمتها، العملية التي لا يمكن أن تكتمل من دون كل الأدوار التي قد يراها البعض صغيرة، في حين أنها أساسية جداً وحيوية للغاية لإكمال المسيرة... مهما كان نوع هذه المسيرة، وأينما كانت وجهتها.