عندنا يأتي الحديث عن إيران، نجد أقنعة تتمزق وتغرق في مياه الخليج العربي، ونشعر أن هناك طفيليات تتهاوى على شطآن خليجنا الأغر، بفعل أفكار سوداوية خاوية، وبفعل عقول هربت من العقلانية لتسكن كهوف التحذلق، والتسلق، والتدفق حثالة عند حواف فناجين القهوة العربية.
اليوم، أصبح لدينا في الوطن العربي حزمة من الأعواد اليابسة التي ترسل دخانها الأسود الكثيف في الأجواء المضطربة، ولتبدو هي الشرارات التي تحرق الثوب العربي، وتحت ذرائع، وحجج، ومسوغات لا يبررها إلا الوعي الساقط في حضيض المواقف، والضمير الذي باع مشروعيته في سوق تجارة الممنوعات، والقيم التي سلخت جلدها، وأصبحت في العراء تنشد الاسترخاء على أرض حصوية تحرق الأبدان، وتسرق الوجدان، وتخرق جل الثوابت الوطنية والإنسانية.
لا أعرف كيف يمكن لإنسان يملك ذرة من الضمير، أن يتعاطف مع دولة مارقة على القوانين الدولية، سارقة حقاً من حقوق الإنسان العربي، وتجلس رهن قانون القوة على أرض عربية، وتدعي حقها ومشروعيتها لهذه الأرض.
الآن إيران تحتل، وتتسلل خلسة، وتحت جنح الظلام العربي، إلا أربع دول عربية، المهووسون من بني جنسنا يتابعون هذا السيلان الإيراني عن كثب، ويصفقون للمعتدي، ويتبارون في نعت هذا الوباء بالصفقة والمربحة، والتي ستقدم لهم القدس على طبق من ذهب.
زمن عربي يعيدنا إلى حروب الطوائف في الأندلس، وما تم على تلك الأراضي من مبايعات رخيصة للضمير، والعرض، والأرض. اليوم التاريخ يعيد نفسه، ويكرر نفس الحكاية، لأنه في العقل الجمعي العربي هناك فيروس لم يتم القضاء عليه، وأن تبعية الكاذب والمخادع لا زالت تكمن في هذا الوجدان الخرب والمدمر بفعل عوامل التعرية الفكرية التي تزورنا كل مرحلة من مراحل أزماننا.
الخارقون للعادة كثر، وينتشرون كالوباء على التضاريس، ويملؤون الأرض والسماء دخاناً خانقاً، وغباراً يفتك بالرؤية كما يهتك بالمشاعر، الخارقون يتناسلون مثل الجرذان التي لا يميتها حتى حمض الكبريتيك، لأنها تتكيف في أغلظ الأقوات وأشنعها مضاضة.
هؤلاء هم من شايعوا الشيطان، وسبحوا بحمده، شكراً وعرفاناً على ألوانه البراقة التي تخبئ تحت جلدها سم الأفاعي وحقد العقارب. هؤلاء هم من ساورهم الظن أن الطريق إلى القدس يبدأ من تقويض الأمن في الدول العربية، وخوض حروب الوكالة على كل بقعة أرض عربية تطالها مخالبهم وتنالها أنيابهم. هكذا هم يظنون، وقد خاب من أمن شر كل باطني أفاق، ومدلس، ومعتد أثيم.