صادف أمس الأول ذكرى محطة مهمة من محطات تاريخ المشاركات الخارجية الناصعة والساطعة لأبطال قواتنا المسلحة، وهم يهبّون بتوجيهات من الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قبل عشرين عاماً خلت، وبمتابعة مباشرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لنجدة شعب كوسوفو في أول مشاركة لهؤلاء الأبطال في القارة الأوروبية، لتأمين الحماية وتوفير الأمن والأمان والسلام والاستقرار، بعد أن كانوا في أتون أحد أسوأ صراعات التطهير العرقي في التاريخ المعاصر.
مهمة أبطال قواتنا المسلحة التي جاءت ضمن مهام قوة «كيفور» بالتنسق مع قوات حلف الأطلسي، سجلت واحدة من أضخم العمليات الإغاثية والإنسانية من خلال المستشفيات الميدانية ومراكز المساعدة التي قدمت الإغاثة والرعاية لعشرات الآلاف من سكان الإقليم، قبل أن ينال استقلاله ويعلن قيام دولته المستقلة التي سرعان ما حظيت باعتراف دولي واسع، وقد كانت الإمارات في مقدمة الدول التي اعترفت بالدولة الوليدة وساعدتها لتكون عنصراً فعالاً يسهم بإيجابية في الأمن والاستقرار في منطقة البلقان ووسط أوروبا.
تلك المشاركة المتميزة عسكرياً في تأمين أرواح الآلاف من سكان الإقليم مضت إلى جانبها عملية إنسانية ضخمة تحت مسمى «الأيادي البيضاء» لمساعدة آلاف اللاجئين والنازحين من الإقليم الذين تدفقوا على المعسكر الذي أقامته الإمارات في منطقة كوكس على الحدود مع ألبانيا.
في ذلك المعسكر كانت تنبلج كل يوم صور إنسانية تلامس القلوب تلخص رسالة قواتنا المسلحة وأبناء الإمارات، كما أرادهم أن يكونوا دوماً «زايد الخير»، سنداً وعوناً للشقيق والصديق. ففي المستشفى الميداني الإماراتي، أبصرت النور طفلة حرصت والدتها والدموع تترقرق في مقلتيها على تسميتها بفاطمة تيمناً بـ«أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، وتعبيراً عن الشكر والامتنان لدولة الإمارات وقواتها المسلحة وأطبائها وكل فرد من الأبطال الذين هرعوا لنجدتهم وسط الخرائب والدمار في منطقة رغم أنها في أوروبا، إلا أنها كانت تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة بغياب أسس وملامح البنية التحتية اللازمة لكل مجتمع.
عندما كبرت الطفلة فاطمة الكوسوفية، حرصت على المجيء للإمارات لتعبر عن امتنانها وذويها لـ«أم الإمارات» وأهل الإمارات.. كل التحية لأسود الجزيرة أبطال السلام في هذه الذكرى الخالدة وهم دائماً على نهج زايد الخير.