أُم خالد.. شابة، سليمٌ قلبها في حب الإمارات، إذ يعكس شغفها وتفانيها في حفظ تفاصيله ما ندر لمسه في هذه التيافين (الأيام). فهي تعمل بلا كللٍ أو مللٍ أو سعي لكنز المال أو الجلوس على كرسي يدور وخلفه منظر للبحر أو العاصمة؛ أخلاقياتها المهنية فائقة المستوى، لذا قد يحاول المتخاذلون رمي هذه الشجرة المثمرة. استوقفتني مبادئها الصامدة ومثابرتها الدائمة في ظل كيد الكائدين فسألتها: من أين لك كل هذه القوة الذهنية Mental Toughness؟ فأجابت بلا تفكير: «يا دكتورة، يقول بابلو كويلو إن الشغف هو الإثارة التي يحدثها ما هو غير متوقع، فهو الرغبة في التصرف بإيمانٍ ويقين بأننا سننجح في تحقيق الحلم الذي طالما راودنا. الشغف يمدنا بإشارات نهتدي بها في حياتنا، ويجب أن نتعرف إلى كيفية فك رموز تلك الإشارات». قلت لها بكل فخر واعتزاز وثقة: «هكذا هو شغفنا بالإمارات وقد منحنا الشيخ زايد -طيب الله ثراه- وطناً وأسكن في أرواحنا إنسانيتنا، وطبع فينا الرحمة والمودة، وجعلنا بذلك ساكنين ماكنين». فردت أُم خالد بدمعة قاومت الزمان والمكان: لم يمض علي يوم لم أترحم فيه على الشيخ زايد -طيب الله ثراه- وأشكر أبي الذي عاش وعمل وتوفي ثم دُفن في تراب الإمارات؛ أشكره لأنه جاء بنا إلى هنا في فجر الاتحاد ولم يهاجر بنا إلى أي مكانٍ آخر... تَصَوُّر ذلك أمرٌ صعبٌ للغاية بالنسبة لي. لقد كان والدي -رحمه الله- يذكرنا دوماً بمقولة الشيخ زايد -طيب الله ثراه- التي نشأنا عليها بأن الإمارات وطن مودة: «الرزق رزق الله، والمال مال الله، والفضل فضل الله، والخلق خلق الله، والأرض أرض الله واللي بيجينا حياه الله». وفجأة اعتذرت لمقاطعة الحديث وهرولت بعيداً وهي تقول: «السموحة، هذا عام زايد وتركيزي على الفعل أكبر من تركيزي على القول، فالمشروع الذي أعمل عليه يحتوي جميع جوارحي وهو رد لجميل الإمارات، ولا تنسي «أنني إماراتية القلب». للعارفين أقول، لمن يقرأ بين السطور تمعنوا فيما كتبه الدكتور محمد الشويعر عن بلقيس، الجدة الأولى لأُم خالد، عندما بعثت لسيدنا سليمان هدية فاختارت أربعين رجلاً ولم تدع في أبناء الملوك أجمل منهم ولا أعقل ولا أرشد ثقة ولا أبعد غاية ولا أعلى صوتاً.. وصديقتنا هذه من إحدى تلك الهدايا والباقي في جعبة التاريخ!