بشرى سارة.. تراجع كبير في معدلات الطلاق! حسناً، نعلم تماماً أن ما سبق ذكره يبدو من أفكار «الخيال العلمي» في ظل تنامي هذه الظاهرة محلياً وعربياً، غير أن البروفسورة «بيبر شوارتز» أستاذة علم الاجتماع -في جامعة واشنطن بولاية سياتل الأميركية- تخبرنا أنه خلال العشرين عاماً المقبلة، سنشهد تراجعاً عالياً في معدلات الطلاق، وازدياداً في حالات الأزواج «العشاق»! والحقيقة أن هذا الطرح يبدو غريباً، لكون معطيات الواقع الاجتماعي -خصوصاً في الولايات المتحدة والعالم المتمدن- تؤكد أن بنيان العلاقات الزوجية يذهب إلى الأسوأ، غير أن ما تتوقعه البروفسورة «بيبر» مستند إلى استشرافها لمستقبل العلاقات بين الرجل والمرأة في واقع مقبل لا تكون فيه الحدود الجغرافية عائقاً لإمكانية تكوين الأسرة. ولكن كيف ذلك؟! حسناً.. في البداية يجب أن نُقر بمقدار التحولات التكنولوجية المحيطة بنا وتأثيرها اللامحدود على شكل علاقاتنا ببعضها بعضاً؛ وكذلك علينا أن نقر بأن التغيرات التي تطرأ على الأسر في العالم المتقدم تطالنا - بشكل أسرع عن ذي قبل - مُغيرة سواء شئنا أم أبينا في علاقاتنا التي اعتدنا عليها حتى قبل عقدين من اليوم. ولأن هذا ما يحدث -تقول أستاذة علم الاجتماع صاحبة العديد من المؤلفات المستندة إلى نتائج أبحاث حول العائلات الأميركية- فإن عدد الأزواج الذين (لا يعيشون تحت سقف واحد) سيزداد، وذلك بسبب ظروف عمل الطرفين، أو ظروف العائلة، بمعنى ارتباط أحد الأطراف بذويه، أو الوطن، حيث يرغب كل طرف بعدم ترك مكان نشأته. وبسبب تطور وسائل الاتصال ومجانيتها -اسكايب نموذجاً- وتوفر المواصلات وانخفاض أسعارها مستقبلاً، سيكون سهلاً عليهم الالتقاء من وقت لآخر كالعشاق، وهو شكل من العلاقات تكون فيه نسب الطلاق أقل بكثير من الشكل التقليدي. لا أعتقد أن ما سبق فرضية خيالية، فأنا متأكدة أنه صورة مستقبلية، لكونها تستند إلى حقائق وأرقام ووقائع وتحولات اجتماعية وثقافية كبيرة، واضح جداً أنها طرأت على حاجات البشر وتصوراتهم عن السعادة والهدف من الحياة، والتي لم تعد بالمفهوم التقليدي ذاته. فالحاضر وما فيه من معطيات، يذهب بنا لمناطق إنسانية أخرى؛ وما الحديث عن استشراف المستقبل من الشق الاقتصادي والتكنولوجي والسياسي بمعزل عن التغيرات الإنسانية والاجتماعية التي ستصيب الإنسان وعلاقاته، إلا تجاهل للمستقبل ذاته. فعبر استشراف المستقبل لا نحاول التنبؤ بالخيال، إنما نحاول الاستعداد له نفسياً وقانونياً واجتماعياً، ووضع السيناريوهات المحتملة لمواجهة تداعياته، أو حتى استثماره، حسب ما سيأتي لنا به هذا المستقبل.