اليوم العالم يعيش في جو من الغبار الكثيف، هذا الغبار الذي نثرته جحافل الحقد والكراهية في كل زقاق وحارة، وناصية ورصيف، وذلك بهدف إشاعة البلبلة في المناطق الآمنة، وزلزلة الجدران المستقرة. فماذا يمكننا أن نفعل كي نحمي أبناءنا من هذا التسونامي البشري البغيض؟ نحن بحاجة إلى مكنسة ثقافية تزيح الغبار، وتقضي على السعار، وتمضي بالفكر الإنساني نحو ثقافة السلام والحب والوئام، لأنه ما من أمة غشاها الظلام، إلا وتعثرت وتبعثرت واندثرت، وأصبحت ماضياً يختبئ تحت ملاءة رثة متعجرفة. الشباب العربي اليوم تائه في مغبات الأيديولوجيات الزائفة والمغشوشة والمشوشة والمغشوشة، الأمر الذي يستدعي تكاتف المخلصين وتآلفهم لأجل إزالة هذا الغبار وكشف النقاب عن المغرضين، وفضح نواياهم وإحباط خططهم، وكبح مسعاهم ولجم خطابهم ودحض افتراءاتهم ولم شمل الشباب، ووضعهم تحت عناية ورعاية نظام تعليمي وإعلامي وثقافي وديني، نظام يضع في عين الاعتبار الدور الذي يجب أن تقوم به المؤسسات المذكورة وعلاقتها بالعقل والوجدان الإنساني معاً، الظلال فكرة، ولابد أن يواجه بفكرة مضادة ومقنعة ومؤثرة، وتستطيع أن تحل معضلة الأسئلة لدى الشباب. لقد مزقت أوطان وشرد الأطفال والنساء، وعاثت الأنانية فساداً في كل ناحية وصوب، بذرائع وحجج واهية، واستخدام الدين شباكاً لصيد الطرائد، واستغلال الإثنيات كوسائل للانحيازات والانزياحات التاريخية الملوثة بالنفايات النفسية المقيتة. إذاً لابد من حل، والحل هنا في العقل، في الصحوة واليقظة والانتباه لما يحاك لشبابنا من خيوط عنكبوتية بذيئة، الهدف منها تفريغ المحتوى من المضمون، ووضع الشباب في سجن الأيديولوجيات المغلقة والأفكار المترسبة، وسد الطرق من أمامهم، لكي يصبحوا أدوات سلبية فاقدة الصلاحية، وتقاد كيفما يريد لها دعاة التخلف وأصحاب الإجابات المعلبة. المؤسسات يجدر بها أن تتبوأ الدور الريادي، وأن تربأ بنفسها عن الأدوار الهامشية، وأن لا تكتفي بالمواعظ عن بعد، بل أن تصير بين الشباب ومنهم وإليهم، وأن تخيط قماشة الحياة بخيوط من وعي بأهمية التلاحم بين الناس جميعاً، لكسر حاجز الغربة والعزلة الافتراضية والدخول مع الشباب في حوارات مباشرة، وتوفير البرامج الحية التي تستدعي إمكانات الشباب وتحفز طاقاتهم وتجدد دماءهم، ووضع الأمصال الثقافية القوية والمؤثرة، لعمل الوقاية من تسرب السموم والبكتريا التي يلقيها عصف الأفكار الظلامية، والتي يتم تبنيها من قبل جهات جنَّدت نفسها لهذا الغرض، وحشدت كل قواها، ولفت لفيفها من تحكم الشباب بحبال التزمت، وتتحكم في إرادتهم وتقيد عزائمهم، وتعيدهم إلى أزمنة ما قبل الجمع والالتقاط.