القفزة الكبيرة التي تحققت للإمارات في مجال السينما، في كمية الأفلام التي صارت تمثلنا في المهرجانات العالمية، في الجوائز التي حصدناها، في احتفاء العالم بما نقدمه من إبداعات شبابنا، وفي احتفائنا بالعالم واستقبالنا للأفلام والنجوم من كل القارات في مهرجانات السينما العالمية التي يتم تنظيمها في أبوظبي ودبي والشارقة. هذه الشجرة السينمائية الساحرة التي كبرت اليوم، كانت قد بدأت ببذرة شغف، وبأحلام كنا، في مطالع التسعينيات من القرن الماضي، نظن أنها مستحيلة. لكن الإرادة المبدعة لا تملك إلا أن تشق طريقها في الصخر. ولا زلت أتذكر الإرهاصات الأولى لهذا التوجه نحو السينما، عندما بدأ الشباب المحب لهذا الفن بطرح أسئلته وإشكالاته وأحلامه. في تلك الفترة كانت لدينا مجموعة من الشباب خريجي السينما، لكنهم حين عادوا إلى الإمارات، غرقوا في العمل التلفزيوني وذهبت أحلامهم سدىً. ورغم أن علي العبدول قدم أول فيلم إماراتي في العام 1988 وهو «عابر سبيل» بجهود ذاتية، إلا أن البحث كان عن جهة تتولى أو تتبنى أحلام السينمائيين الإماراتيين. في تلك الفترة، أي قبل 28 سنة من اليوم، كان مسعود أمر الله أحد هؤلاء المسكونين بأحلام السينما، ورغم أنه بدأ شاعراً، وكتب نصوصاً مبشرة، إلا أن السينما خطفته خطفاً. قدم أولاً فيلمه الجميل «الرمرام»، ثم تمكن من خلال عمله في المجمع الثقافي بأبوظبي أن يؤسس لأول حاضنة للأفلام الإماراتية عندما أطلق وأدار مسابقة (أفلام من الإمارات) لمدة ست سنوات، استقطب من خلالها العديد من الأسماء الشابة وشق لهم درباً ومنفذاً للضوء. وسرعان ما كبرت هذه المسابقة لتتحول إلى مهرجان سينمائي حقيقي تقدم فيه العروض العالمية المختارة. وتتوالى لجان التحكيم من الأسماء البارزة عربياً في تقييم المشاركات وإعلان جوائزها. بعدها انتقل مسعود، بخبرته في التقييم والتنظيم والاختيار، إلى مهرجان دبي السينمائي الدولي، ليرهن نفسه من جديد إلى هذا الفن الذي يحبه، واستطاع أن يلعب دوره كاملاً في رفع مستوى المشاركات الدولية من الناحية الفنية، وأن يربط بين المهرجان، وبين شبكة واسعة من الاستقطابات السينمائية من كل القارات، والأهم أنه أسهم في الدفع بأفلام الشباب الإماراتي والخليجي إلى كل المنافذ الممكنة عالمياً. ليكون مسعود بذلك اللاعب الأول في نهوض حركتنا السينمائية. والعين الراصدة لتحولات الضوء فيها.