التقيت شاباً نيبالياً يعمل نادلاً، أياماً طويلة ألتقيه، وبدأت صداقتنا تنمو شيئاً فشيئاً، في كل فرصة أحاول التعرف على بلده، وهل يملك شيئاً من المواقع السياحية التي يمكن لنا زيارتها، ثم تطرقنا إلى الحياة هناك وظروف المعيشة والعمل، تحدث عن جبال الهيمالايا والرحلات الجبلية التي كان يأخذ السياح إليها عبر دراجته النارية، تعجبت أن يكون للدراجات النارية دور في الجانب السياحي، ولكن شرح لي أن الصعود إلى القمم الشاهقة والبعيدة والطرق الصعبة والصخرية والمتعرجة تحتاج لهذا النوع من وسائل النقل والوصول السريع إلى حيث الشامخات من الجبال، والتمتع بالمناظر البديعة من غابات وأشجار، وكذلك الوديان ومجاري الأنهر وسط الصخور، تحدث أن حب الصعود إلى الجبال والسياحة الجبلية يعرفها الكثير من الدول المحيطة مثل الروس وبعض الباكستانيين والأفغان والهنود، والأكثر عشقاً لتلك الأماكن الأوروبيون الذين يشكلون العمود الفقري لتلك السياحة التي لا يعرفها ولا يحبها كثيرون في الخليج العربي، ثم انتقل حديثنا إلى الموسيقى الشرقية. ووجدت أن صاحبي يحمل محبة كبيرة للموسيقى، وسريعاً فتح هاتفه وأطلعني على العديد من الصور التي يظهر فيها شخصياً وهو يقوم بالعزف على الجيتار، ويقود فرقة كبيرة من أقرانه لعزف مقطوعات أوروبية صاخبة لمعظم الأغاني المشهورة لمطربين غربيين، خاصة أغاني الشباب الجديدة التي ظهرت في أميركا وأوروبا، لعل عمله في السياحة واندماجه مع أعداد كبيرة من هؤلاء الذين يصلون نيبال بقصد الوصول إلى جبال الهيمالايا والمناطق السياحية هناك جعله عاشقاً للموسيقى وعازفاً بارعاً، وحتى في دبي، حيث أظهر لي بعض المقاطع التي يعزف فيها لمجموعة من الأصدقاء والعاملين معه ببراعة كبيرة، وقد امتدح الموسيقى كثيراً، وقال إنها حبه الأكبر وعشقه الأبدي، وإنه عائد إلى نيبال ليلتقي فرقته ورفاقه هناك، الحب والعشق عندما يتمكن من الناس، ويسري إلى كل الحواس كل الأعمال تبدو أمامه صغيرة، قال إنه يحب الموسيقى أكثر من عمله كنادل، لولا لقمة العيش، يقول، لوهبت حياتي للموسيقى، فرحت كثيراً لحب هذا الشاب للفن والحياة والموسيقى، وأبحرت معه أكثر، سألت عن تاريخ الموسيقى والفنانين والعازفين الكبار، مثل موزارت وبيتهوفن وباخ وآخرين، ولكن صدمني هذا الشاب، عندما قال إنه لا يعرفهم، وإنه لا يحب غير المعزوفات الجديدة وصخب الجيتار وموسيقى الراب، وهذه الحفلات الصاخبة، قلت له من الضروري أن يقرأ ويسمع كل أنواع الموسيقى ليزداد عشقه ويكبر، وأن تكون لديك أرضية أوسع، أخذ هاتفه ودخل على جوجل وبحث عن الأسماء، قال هؤلاء، يبدو أنهم من أجيال قديمة جداً من صورهم، ولكن وعد أن يستمع إليهم، ويتعرف على تلك الفنون والموسيقى العظيمة، بعد أسبوع قال إنه خصص وقتاً لسماع تلك المعزوفات، وأظهر سعادة كبيرة بأن يضيف إلى حبه لصخب الموسيقى وروعة الجيتار مساحة من هدوء وفن الموسيقى.
الموسيقى اللغة الوحيدة التي يعرفها كل الناس ويعشقونها، أما الكلمات المصاحبة أو القصيدة المصاحبة للعزف وصوت الموسيقى فما هي إلا تزيين لأصوات الأوتار أو نغمات العزف والإيقاع، إذا عشقت الموسيقى فأنت عاشق للحياة.