من يشاهد مارادونا مع الفجيرة في دوري الدرجة الأولى وهو لا يعرفه، من المستحيل أن يصدق أن هذا القصير صاحب الجسم الممتلئ، ذلك الذي يقفز فرحاً ويقطع الملعب ذهاباً وإياباً احتفالاً بهدف، سجله أحد لاعبي فريقه هو أفضل من مارس وداعب وعرف أسرار كرة القدم على مر تاريخها، منذ اخترعها الإنجليز وحتى يومنا هذا، الذي ينتقل فيه لاعب من نادٍ إلى آخر بمبلغ مالي يتجاوز ميزانيات دول مجتمعة. من يشاهد مارادونا كل أسبوع وهو لا يعرفه، يعتقد أنه باحث عن شهرة أو ساعٍ إلى مجد، أو مفتش عن مستقبل، وهو لا يدرك أن هذا الشخص شهرته تمتد من مشارق الأرض إلى مغاربها، وهو الذي حاز المجد من طرفيه وقبل 32 عاماً تمكن من الفوز بكأس العالم بمفرده تقريباً، وهو الذي تحتفي به الأرض التي يحل بها، وقد لا يستطيع المشي في مكان عام، إلا وقد تزاحم حوله المعجبون والمحبون، منهم من يبحث عن صورة أو توقيع أو حتى مجرد مصافحة ولكنها تبقى محفورة في الذاكرة. مارادونا حالة خاصة يتميز بها دوري الدرجة الأولى هذا الموسم، ولا تمر جولة إلا وتحمل لنا الكاميرات لقطة من اللقطات التي لا يتميز بها سواه، يقوم بها بعفوية بالغة وبإنسانية محببة، من دون تصنع أو تمثيل، هذا هو مارادونا الإنسان، الذي أكبر عيوبه في الحياة هو إنسانيته المفرطة، وهي التي لطالما كانت سبباً في الكثير من المشاكل والأزمات التي وقع فيها. مارادونا يواسي لاعباً من الفريق الخصم وهو يغادر أرض الملعب مصاباً، وهو نفسه يقبل يد لاعبه بعد استبداله للإصابة، وهو الذي يقف على حافة منطقة الجزاء ليقدم للاعبيه الطريقة المثلى في تسديد الضربات الحرة المباشرة، لم لا وهو أفضل من تعامل معها بيسراه التي لم تتكرر في تاريخ اللعبة، تلك اليسرى التي أعادت اكتشاف كرة القدم، فأصبح لها عصران، عصر ما قبل وعصر ما بعد مارادونا. مارادونا الذي لم تنقطع مشاكله ولم ينته الصخب والجدل حوله أينما ذهب، إلا عندما وطئت قدماه أرض الإمارات، هو يعيش حالة حب مع تراب هذا الوطن، وينعم بأجواء محببة ومريحة منحته السلام الداخلي الذي كان يبحث عنه طوال حياته، مارادونا عشق الإمارات منذ اللحظة الأولى، فقد أغدقت عليه بالطمأنينة والسكينة والأمان، وأظهرت الوجه الحقيقي لمارادونا الإنسان.