في هذه القمة، هناك الوعي، وهناك السعي، وهناك الرغبة الجامحة نحو عالم متجدد يتجه نحو غايات النمو في الاقتصاد، والنهوض بالإنسان من صهد التخلف ووهدة القفر، هي قمة القمم المتطلعة إلى غدٍ لا تشوبه عاجزة، ولا تخيبه حاجة، هي قمة تسلط الضوء على إمكانات هائلة تختزنها الطبيعة، وعلى الإنسان أن يقبض على أجنحتها قبل أن تفر وتنفر، وقبل أن يفوت أوان الأمنيات، وتضيع الآمال في نواصي المجهول. في هذه القمة، نداء يستدعي الشيم، كي ترفع هامات، وتدفع بقامات نحو الحركة وتحريك المياه الآسنة، وتجربة الإمارات ماثلة أمام البصر والبصيرة، هي المصباح المنير الذي يجب أن تحذو حذوه الأمم والشعوب، وأن تضعه ناصعاً ساطعاً يضيء لها دروب الحياة، ويشحذ هممها، وينهض بإرادتها، ويقوي عزيمتها، ويكحل عيونها بأثمد الصلابة في مواجهة التحديات وعقبات الطريق، فلا منجز، ولا مشروع مفروش طريقه بالورود، فلا بد من تعب، ولا بد من عرق حتى في البلاد الصقيعية. في هذه القمة، كانت الأحلام تمضي مثل قطرات المطر، كانت تمشي مثل الغزلان البرية، وكانت الوجوه تعبر عن أن الحياة بدأت هنا في هذا المكان، في هذه الصحراء، حيث السفينة كانت بحجم النجوم العملاقة، والرعاة يتمتعون بصبر أشجار الغاف، ونبل النخلة الأسطورية، في هذا المكان تجد الأحلام لها أصابع من حرير، وعيون مثل بريق النجوم، والرؤية واضحة وجلية مثل شمس النهار على سنام كثيب صحراوي. في هذه القمة، كان للكلمات وقع الدماء في الوريد، تتدفق لتشعل وعياً إنسانياً، العالم بحاجة إليه، والأرض تتشوق لاتساعه وبياضه وبيانه وبنيانه وبنانه. في هذه القمة، كان الزمن يكتب بداية سطوره، ويسجل لدبي هذا الفتح، وهذا الصدح، ويكتب عن بلد جمعت العالم على مائدة الفكرة المجللة بالوعي، المكللة بالإصرار على صناعة المصير من جد ووجد وجديد، يضع العالم في قلب الوجود، ويزيح عن الكاهل المكوث في منخفضات الشح والكبح، وحسابات الطرح من غير جمع. في هذه القمة، مشهد يثلج الصدور، حيث النخبة هم من الشباب، هؤلاء قادة المستقبل، هؤلاء مقود العربة الذي سيأخذ القطار إلى حيث تكمن الحقيقة، وإلى حيث تستيقظ الأحلام، وتصحو طيور الأمل، هؤلاء الشباب هم مسقط رأس الأفكار الجديدة، ومشاريع المستقبل، بل هم المشروع الأهم والأشم. في هذه القمة، كان هؤلاء الشباب المنارة التي أطلت على سفوح العالم، وقرأت كتابه بعيون وأنامل. في هذه القمة الشباب هم الغد، وهم الوعد، وهم العهد، وهم الطريق إلى الـ«هنا» الـ«هناك».