قدمت صحيفتنا «الاتحاد» في عددها يوم أمس الأول تقريراً ميدانياً من إعداد الزميل بسام عبد السميع، حمل صورة عن قرب لمأساة لاجئي الروهينجا الذين يتعرضون إلى واحدة من أسوأ جرائم التطهير العرقي في عصرنا الراهن. ونقل التقرير روايات أهوال الهروب من الفظائع والموت المتنقل، وحرق أكواخ وبداخلها أسر وعوائل بأكملها مع صغارهم، بينما العالم يتفرج. لقد كانت الإمارات في مقدمة الدول التي هبت لمد يد العون والمساعدة لهذه الجموع المنكوبة، وقدمت قوافل متواصلة من المساعدات الإغاثية والإنسانية عبر جسر جوي متواصل بتوجيهات مباشرة من القيادة الحكيمة. كما دعت من خلال المنابر الدولية المجتمع الدولي للتدخل لوقف ما يتعرضون له في ميانمار، ومن أعمال قتل وترويع وتشريد. ما لفت نظري في التقرير الميداني أنه نقل لنا عدم وجود أي مستشفى ميداني لتوفير الاحتياجات لهؤلاء اللاجئين في منطقة كوكس بازار قرب الحدود بين ميانمار وبنجلاديش التي تنوء بهذا العبء، فلا يوجد أي مستشفى سوى المستشفى الماليزي السعودي الإماراتي، والذي تساهم فيه بقوة هيئة الهلال الأحمر لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقدمت عدداً من سيارات الإسعاف، إلى جانب توفير مستلزمات ومواد طبية وإغاثية وغذائية للتخفيف من معاناة هؤلاء المنكوبين. أقول لفت نظري هذا الأمر في التقرير بينما بعض الحملات والمبادرات الوهمية تغمرنا ببياناتها المبالغ فيها حول وجودها هناك، وتقديمها المساعدات لمن تتاجر بمعاناتهم، وللأسف أنها تستغل اسم الإمارات وأسماء رموزها الوطنية من أجل استدراج هبات المحسنين الذين يقدمونها عن حسن نية ومن دون التأكد من صدقية تلك الجهات. لذلك في مثل هذه الأحوال والحملات الإغاثية يتطلب الأمر التنسيق بين الهيئات والجمعيات والمؤسسات الخيرية والإنسانية الإماراتية حول نوعية وطبيعة المساعدات المقدمة حتى لتفادي أي تضارب أو تكرار، وفي الوقت ذات، للحيلولة دون استغلال الحملات والمبادرات الوهمية لاسم الإمارات والوجود في تلك المناطق فقط من أجل التصوير والاحتفاء الكرنفالي لجلب المزيد من الدعم لصالحها وتلميع صورتها، وهي تغمر وسائل الإعلام المحلية بتقاريرها الملحمية غير الواقعية التي تفتقر لأدنى المعايير المهنية. كما أن هذه الوسائل تتحمل المسؤولية للتدقيق في نوعية تلك التقارير، فدورها لا ينحصر في تلقفها ونشرها لتعبئة مساحات وصفحات، لأن الصدقية والمهنية تكون على المحك، وفوق ذلك اسم وصورة الإمارات، أدام الله عزها.