هنا في هذا الوطن، لا حياد، بل انحياز في صميم التميز، وانتماء صريح لإرادة القوة، لأجل بلوغ موطن الشمس، ولأجل ولوج محيط التفوق، ولأجل قطف ثمرات النجاح، من أعلى قمم الشجر، ومن سقوف الجبال، وأعناق النجوم، وأحداق السحابات اليانعة. هذه هي أيقونة الأحلام الزاهية، وأسطورة التاريخ في بلادنا، قامات وهامات وشامات وعلامات، تترسخ على الجبين، وتنصع وكأنها القمر اللجين، لتهدي للعالم أجمل النماذج في التحدي، وأنبل الأمثلة في مواكبة عصر الدهشة والإبهار، لأجل إبحار نحو المستقبل، وسرد الحكاية لجيل يحتاج إلى دروس وعبر ومواعظ؛ كي يتكئ على أرائك الثبات والثقة، بالنفس، ويعمل على مواجهة الصعاب بقلب أكثر صلابة من جذع النخلة المبجلة، وأكثر عطاء من غافة الأيام المدبرة. جائزة أبوظبي للتميز، هي لمن يعطي، ويسهب في التفاني والإيثار والانغماس في الحلم إلى حد التضحيات الكبرى؛ لأن الوطن يستحق أن يكافأ بالغالي والنفيس؛ ولأن الوطن هو جذر الحياة الذي يجب أن يصان بالإيمان إنه الحضن والحصن ورهان الزمن، وإنه الكتاب الذي يجب أن نتلوه من دون خطأ، وإنه القصيدة التي يحب أن نقرضها من دون هنات ولا زلات، وإنه الرواية التي يجب أن نسردها من دون تحريف في طرح التفاصيل، وإنه النهر الذي يجب ألا تنتابه الضحالة ولا تعتريه الوحالة، وإنه الشجرة التي يجب ألا تعبث بأغصانها العصافير العبثية، وإنه الوردة التي يجب ألا تلمسها إلا الأيادي النظيفة، وإنه المحيط الذي يجب ألا يشق عبابه إلا الذين مهروا في ركوب المعالي وإنه الحلم الذي يجب ألا تغشيه غاشية الكوابيس، وإنه العلم الذي يجب ألا ترفعه إلا السواعد الصارمة، وإنه الكلمة التي يجب ألا يتفوه بها إلا لسان الطهر، ومحسنات بديع القول، وإنه الطائر الذي يجب ألا يكون إلا في مناطق العلا، وبين الشاهقات العوالي، وإنه اللوحة التشكيلية التي لا تقبل الاستنساخ، وإنه النقطة على السطر، فلا تأتي بعدها عبارة ولا استعارة. جائزة أبوظبي للتميز، تمنح لمن يقفون دوماً عند وجدان الغيمة، ووجد الموجة، ووجود الجبال الراسخات المكرسات وجودها لأجل ميزان الأرض ومعيار الحياة. جائزة أبوظبي للتميز هي الانحياز الكامل والشامل للذين يعشقون الحياة، ويحبون الوطن، ويخيطون قماشة الحلم من حرير الجد والاجتهاد والبذل السخي والعطاء الذي لا توقفه موجة قنوط، أو امتعاض، هؤلاء هم من تحتويهم الجائزة، وتختارهم وتضعهم في سجل المتميزين والاستثنائيين، وهؤلاء هم من يبتسم لهم الحظ.