لسان حال الكثير من المتعاملين مع مواقع إلكترونية رسمية للعديد من الجهات الخدمية يقول إذا كانت هذه المواقع والتطبيقات ليست بمستوى القدرة والكفاءة العالية، فعليها على الأقل الاعتذار للجمهور والعودة ولو جزئياً للعصر الورقي، فالاعتراف فضيلة سواء بالخطأ أو التقصير. ولعل أسوء وأتعس مبرر يمكن أن تسمعه عن سبب خذلان تلك المواقع للمتعاملين معها بأنها واقعة تحت ضغط كبير.
أقول إنه أتعس مبرر لأنه يدل على عدم إدراك قائله بأنه سيكون تحت ضغط شديد في فترة من الفترات بسبب الإقبال عليه، ولعل أقرب أنموذج أمامنا هذه الأيام موقع وزارة التربية والتعليم والروابط التي خصصتها لدخول الطلاب وأولياء أمورهم لمعرفة نتائج امتحاناتهم، ما ذنب هؤلاء في السهر حتى الرابعة أو الخامسة فجراً لمعرفة النتيجة، وبعد ذلك يتوجهون للمدارس ليعرفوا منها النتائج ويتسلموا الشهادات في عودة للعصر الورقي مع سابقة لم تحصل من قبل ودون استفادة من تجارب الأعوام الماضية وما شهدته من خذلان إلكتروني عند إعلان النتائج، والآن ورغم مرور أسبوع على إعلان النتائج لم يكشف النقاب عن العشرة الأوائل في امتحانات هذا العام.
نحن اليوم نتحدث عن التحول الرقمي والحكومة الذكية وتوديع الورق والوصول إلى «صفر مراجع» لمقار الإدارات الحكومية والخدمية ومع هذا تجد بعض الجهات ليست بمستوى الطموح، بل وتتعثر لأنها لم تحسن التخطيط والاستثمار في القطاع بالصورة المأمولة. على الرغم من التوسعات الهائلة فيه وما استتبعه من زيادة في استقطاب المهندسين والفنيين والإعداد والتأهيل والتدريب، وكذلك في «الأمن السيبراني» بعد انتشار القرصنة وسرقة البيانات والحسابات التي أصبحت ظاهرة كونية تهدد الدول والشركات والأفراد عبر هذا العالم الافتراضي.
تطبيق شرطة أبوظبي الذي كان يُضرب به المثل في سرعة الإنجاز والاستجابة أصابته عدوى الإخفاق بعد أن اشتد عليه الضغط إثر تحويل الغالبية العظمى من الخدمات عليه بدء من سداد المخالفات وحتى استخراج شهادات الحالة الجنائية. والشيء ذاته على تطبيق وزارة الداخلية الذي أصبح يطلب رقماً سرياً يرسل لثوانٍ لاستخدامه ليتحول إلى سباق في سرعة نسخه ووضعه لا يراعي كبار السن أو ضعيفي المهارات الإلكترونية ممن وجدوا أنفسهم مطالبون بمجاراة العصر الرقمي حتى ينجزوا أعمالهم، وحتى لا يُعتبروا «ديناصورات» برسم الانقراض أو تصدمهم عبارة «أنت لست رقمياً».