{{إلى الشيخ خالد القاسمي الخالد أبداً:
لك الرحمة
والمحبة والسلام
منذ ابتداء الولادة
حتى هدوء الظلام}}
***
لا تقفوا أمام قبره وتندبوا فهو ليس هنا. هو لا يرقد تحت هذا التراب!
هو نسيم الرياحِ حين تهبُّ في حنين المواسم. هو في بريق اللؤلؤ والذهب
حين يلتف بالمحبة حول أعناقكم. هو في تفاصيل البيت الجميل بين حضن الأمومة
وبين طوايا السرير. هو في ذاكرة سنين أعماركم وخطى طفولته البريئة. هو في الشعاع الذي يضيء خطاكم في دروب الحياة. هو في رقةِ المطرِ السخي حين يهطلُ في رحمة الشتاء. هو في رأفة الفصول وفتنتها، صيفاً وخريفاً وشتاء. هو في عمق جذور الشجر، وفي فتنة الورد والزهور حين تنث عطرها. وفي اخضرار الغصونِ ويقظة القلب وفي ذاكرة الحب. هو في همسة العشب وفي هدوء السكون. هو في امتداد الأفق ورحابة الكون. هو في غناء البلابل وفي رقة النسيم العليل.
عندما تستيقظون وتسيرون في هدأة الحياة، تذكروا أنه في خفق أجنحة الطيور حين تحلقُ عالياً في شروق الصباح. هو في رفيف أجنحة الفراشات، وفي رحيق العسل. هو في حنان الندى حين يقبِّلُ رقة الياسمين. فلا تجلسوا أمام قبره وتبكوا، فهو مشعٌ كضوء النجومِ البعيدةِ حين تومضُ في عمق المساء، وتحيل العتمة إلى نور يشعشع في السماء. هو في خفقات قلوبكم التي فاضت عليه بالحب والحنان حتى طواه الغموض اللطيف. هو في طين الخصوبة، وفي رقة الماء حين ينساب كالهمس من بين أصابعكم لترتوي الجذور وتبدع الحياة. فلا تقفوا أمام قبره وتبكوا. فهو ليس هنا. هو لا يرقد في قبر يغطيه التراب. حيٌ هو في قلوبكم الرحيمة التي فاضت عليه بالحب والرعاية والحنان. حيٌ هو رغم وحشة الموت ورغم السنين التي ستحتويه في الغياب. هو يرقد مطمئنا في حكمة الخالق وفيض رحمته وفسيح جناته الرضاب!
***
سأبكي دماً.. فليست دموعي عليك، وليس دعائي لك برحمة الله وفيض جناته، سيمسح حزني عليك. فقد كنت ضوءاً فتياً يضيء دروب المبدعين إلى مجد شارقتي الغالية. فماذا أقول.. ماذا أقول؟ وكيف أعزي أحبابك وحزني عليك كحزن الأمومة حين موت الولد! سوى أن أقول: قدرُ سيأخذنا إليهِ، وليس لنا حكمٌ على القدرِ فألف تعزية لسمو والدك ووالدتك وأحبابك وألف أمنية بالصبر والسلوان.