لذة السفر إلى جمهوريات آسيا الوسطى أو الجمهوريات الإسلامية في عهد الاتحاد السوفييتي السابق، أو كما يعرفون من باب الغيرة الأيديولوجية «الرفاق المؤمنون»، أنها جميلة في العهدين، السابق كانت جميلة ورخيصة، وخدمات ورفاهية معدومة، والبساطة تسيّر الناس، أما الوقت الحالي، فهي ما زالت جميلة، لكنها غالية، وخدمات موجودة، لكنها بكسل، وببطء، وضمن بيروقراطية يصعب أن تفارقهم، والناس تغيروا، وقد تغادرهم تلك البساطة والطيبة التي تحلّوا بها زمناً.
أيامها كنا ندخلها بورقة منفصلة عن الجواز، لأن ختمهم «الأحمر» كان ثقيلاً على أوراقنا، واليوم ندخل معظمها بلا طلب سمة دخول، ولا كل التعقيدات الأولية مثل أن تكون لديك دعوة رسمية، لأنك في نظرهم أجنبي، ويمكن التخابر معك، ليس خوفاً منك، ولكن خوفاً على مواطن الجمهوريات السوفييتية، اليوم «الأزرق» بفضل جهود رجال نبلاء أخذوا على عاتقهم جعل الجواز الإماراتي في مقدمة الصفوف الأولى، وأعني هنا، جهود سمو الشيخ عبدالله بن زايد الدبلوماسية والشخصية، وفريقه الجميل، ومنظومة أشياء كثيرة تتميز بها الإمارات من دون غيرها، غير مستبعدين تلك القوى الناعمة، وعلى رأسها فن دبلوماسية الثقافة أو الثقافة الدبلوماسية.
لا أخفي إعجابي بتلك البلدان التي تستند إلى ثقافة عميقة ومتعددة، وإرث إنساني ضخم، قد نكون بعيدين عنها جغرافياً، لكن ارتباط التاريخ يجعلنا أقرب، فثمة عوامل كثيرة مشتركة حتى حروب الحضارات تركت هامشاً جميلاً للتلاقح والتعايش من خلال اللغة والتجارة وأنواع المعرفة.
اليوم الزائر لكازاخستان تبهره البلد باتساعها الكبير الذي يهضم مساحة كبيرة من آسيا، وتبهره النهضة المتكاملة خاصة في مجال العلوم والفنون والثقافة، سواء كنت في عاصمتها التاريخية «المآتا» أو عاصمتها الثقافية «تركستان» أو عاصمتها الإدارية «الآستانه»، والتي تعني بالتركية عتبة السلطان أو عاصمة الحكم، والتي تغيرت في 20 مارس 2019 وسميت «نور سلطان» تيمناً بمؤسس كازاخستان الجديدة، الرئيس «نور سلطان نزارباييف» الذي استقال بعد حكم للبلاد دام ثلاثين عاماً، ليحل محله مؤقتاً لحين الانتخابات في 2020 رئيس مجلس الشيوخ «قاسم توكاييف»، الاستآنه مدينة حديثة بكل معنى الكلمة في تخطيطها أو عمارتها الجميلة والمختلفة في مرافقها الإدارية والفنية والثقافية، يكفي أن هناك عمارة أو مجموعة عمارات متلاصقة بطول خمسة كيلو مترات، تجمع كل الوزارات والدوائر الحكومية، وقد أتيت المدينة مرة، وكانت درجة الحرارة فيها ثلاث عشرة درجة تحت الصفر، وأتيتها صيفاً وكانت درجة الحرارة فوق الأربعين.. وغداً نكمل..