تدور الرحى، والضجيج يصم الآذان، والبحر في الخليج العربي يفترش الماء كما هي الزجاجات المهشمة، ولكن ماذا بعد؟ إيران تدعي أنها دولة مسالمة، ولكن أفعالها بعكس أقوالها، حيث تواصل استفزاز جيرانها وتدعم عملاءها في المنطقة بالمال والسلاح والمواقف.
وعندما ننظر إلى ما خلف ظهر حسن نصر الله، ونرى الخميني يلتصق على لوحة ملونة مثل ما هي أفكار الباطنية، نقول يا إلهي كيف عبر الخميني المقبور منذ زمن إلى هذه البقعة من العالم العربي التي تعتبر بوابة الشرق المضاء بثقافة شعب استنار دوماً بأحلام جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وفوده وغيرهم من مفاتيح الفكر المستنير في هذا البلد الجميل؟!
نتساءل ونقول كيف استطاع الخميني أن يملك ألباب نصر الله وسواه؟! ولما نتأمل المشهد، ونطوف في أرض العراق، ونستعيد صورة قاسم سليماني وهو يجول في بلاد الرافدين وكأنه يدور في شوارع طهران أو غيرها من المدن الإيرانية، ثم يخرج من هذه الجولات، ليتبجح قائلاً: إن إيران أصبحت الآن تضع يدها على ثلاث مدن عربية وهي بغداد، وبيروت، ودمشق، وبعد هذا التصريح لم نعد نستغرب أن يمتد الأخطبوط الإيراني إلى صنعاء، وقد تكون الأطماع أوسع من ذلك بكثير، لأن الأحلام عندما تتسع حدقاتها تصبح أوهاماً، والأوهام لا حدود لها في العقل الموهوم بالتوسع.
الآن ما نستغربه هو أن العالم لا زال على أمل أن تتحول العقرب إلى نحلة.
العالم يصرخ تارة في وجه إيران ثم يتراجع، ويتودد، ثم يطالب إيران أن تكف عن التخصيب، والترهيب، ولا أكثر من ذلك البتة. ونحن نعلم جيداً أن إيران لولا أنها تعلم بأن كل ما يحدث من ضجيج حولها لن يتعدى الكلام الشفهي، لما فكر قادتها أبداً في تهديد العالم، بألفاظ لا يقذف بها إلا قادة يحكمون بلاداً لها مقومات الريادة في الصناعة، والاقتصاد، والقدرات العسكرية الحقيقية وليست الوهمية، أما في حالة إيران، فهذا البلد ينهض على صرخات الفقر والمرض، التي يعاني منها الإنسان الإيراني المغلوب على أمره، ولن تتراجع إيران عن أوهامها طالما بقي العالم يعالج الأعراض، ويقفز فوق الأسباب.
الحوثيون، وحزب الله، والحشد الشعبي، وكل هذه الطفيليات، لم تكن لتطفو على سطح الجسد العربي، لولا وجود السبب، الذي ما زال العالم يستخدم البنادول كي يزيل آلامه، وهذا لن يحدث.
الحقد عندما يكبر في النفوس هو مثل الورم في الجسد، فإما مباشرة القضاء عليه برمته، أو أنه يظل يخاتل الجسد، ويراوغه حتى يصبح الإنسان جثة هامدة.
فيا أيها العالم الحر، لا تنس واجبك تجاه المستقبل وتقدم خطوة للحل، والحل هو عدم المماطلة، وعدم انتظار المجنون حتى يملك زمام الوعي ويرتدع عن غلوائه وبلوائه، وعشوائيته، وهمجيته.